بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، لاسيما عبده المصطفى، وآله المستكملين الشَّرفا، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: فهناك حدث فرض نفسه ينطبق عليه قول القائل مع بعض التعديل: الجنازة حارة والميت صنم.
فكثير من الضوضاء حصل في قضية تحطيم الصنمين لبوذا في أفغانستان كما هو معلوم، ولقد انتزعت حركة طالبان الأضواء في الأيام الأخيرة فصوبت عيون العالم كله على أفغانستان حالياً وخراسان سابقاً في التاريخ الإسلامي، واستُنفر علماء الآثار والمؤرخون ومدراء المتاحف العالمية، وجميع الصحف.
وهذه اليابان -وهي أكبر مانح للمعونات في تلك المنطقة- طالبت بتدخل دول الخليج، وضغطت على قطر حتى أرسلت وفداً.
وطلب مدير عام اليونسكو وهو شيرو متورا، -وهو ياباني بوذي- وساطة سياسية من بعض الدول، ومكث مبعوثه -وفي نفس الوقت- أيضاً -مكث بيير لافرانك مبعوث رئيس فرنسا شيراك أكثر من عشرة أيام يحاول أن يثني عزم طالبان عن قرار هدم أكبر تمثالين لبوذا في العالم، وهما واقعان في وسط أفغانستان، وقد استغرق بناؤهما مائتي سنة، أي قرنين كاملين.
وتقدمت دول عديدة مثل الهند واليونان بعروض سخية لإنقاذ التمثالين، ومتحف الميترو كوليتن في نيويورك تقدم -أيضاً- بعروض سخية يتبرع بها لأجل أخذهما، وجمعت اليونسكو خمسةً وأربعين وزير ثقافة ليتحدثوا عن هذين الصنمين، ومحاولة المطالبة والضغط لاستنقاذهما.