فالمسألة في الحقيقة تحتاج إلى همة عظيمة جداً، فالإنسان لابد من أن يضع هذا في مقدمة مشاغله، أن يتم حفظ القرآن، وهذا شرف ليس بعده شرف، إذا شرفك الله تبارك وتعالى بأن جعل صدرك مستودعاً لكلامه فهذا أعظم من مليون شهادة دكتوراه، ومن أن تكون ملك ملوك الدنيا وإمبراطور الإمبراطورات وأغنى الأغنياء، فإن هذا هو الغنى الحقيقي، ففي الحديث:(من لم يتغن بالقرآن فليس منا) وأحد وجوه تفسير أن كلمة (يتغن) تعني: يستغني به عما عداه.
فأعظم شرف هو لحامل القرآن والشريعة، لذلك وضعت أحكام خاصة بحامل القرآن وبيان عظمته، كما نعرف من حديث الرسول عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يؤمر أميراً على مجموعة من الناس، فاستعرض ما معهم من القرآن فاختار واحداً معه سورة البقرة وأمره عليهم، فقال:(أنت أميرهم)؛ لأنها أفضل سورة في القرآن، كذلك الأحكام تفاوتت بموضوع الحفظ، فالذي يلي الإمام من اليمين أولوا الأحلام والنهى، فيلي الإمام أكثر الناس حفظاً للقرآن، كذلك عند الدفن يقدم أكثرهم قرآناً، إذاً هذا هو الشرف الذي يرفع الله عز وجل به أقواماً ويضع بالإعراض عنه آخرين كما بينا من قبل.
فالنصيحة هي لأبناء المسلمين لاغتنام سني الحفظ الذهبية من سن خمس سنوات، وربما بعض الأطفال يظهر فيهم النبوغ مبكراً قبل حد خمس سنوات، فمتى ما تفتق ذهن الصبي وعرفت منه أنه يطيق الحفظ فأعطه ما استطعت وقربه لذلك، واجتهد في أن تشغله بالقرآن لا بالأناشيد ولا بالإعلانات وبالأغاني والكتب الفارغة، بل اجتهد في أن تحفظه كلام الله تبارك وتعالى.
هذه خلاصة القواعد الذهبية لحفظ كتاب الله تبارك وتعالى.