وقال بعض أهل العلم: أرجى آية في كتاب الله عز وجل: آية الدين، وربما يستغرب لأول وهلة أن تكون آية الدين هي أرجى آية للعصاة في القرآن الكريم، وقد أوضح الله تبارك وتعالى في آية الدين الطرق الكفيلة لصيانة الدين من الضياع، وكل هذه الآية من أجل مصلحة المسلم في شيء يسير جداً من الدنيا، يقول عز وجل:{وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ}[البقرة:٢٨٢] حتى لو كان الدين دريهمات قليلة، ومع ذلك اهتم الله سبحانه وتعالى بأمر المؤمن هذا الاهتمام، وأنزل في حفظ حقه أطول آية في كتابه المجيد! قالوا: إن المحافظة في آية الدين على صيانة مال المسلم وعدم ضياعه ولو قليلاً، يدل على العناية التامة بمصالح المسلم، ويدل أيضاً على أن اللطيف الخبير لا يضيعه يوم القيامة عند اشتداد الهول وشدة حاجته إلى ربه سبحانه وتعالى.
قال بعض العلماء أيضاً: كان بعض العارفين يرى آية المداينة في البقرة من أقوى أسباب الرجاء، فقيل له: وما فيها من الرجاء؟! فقال: الدنيا كلها قليل، ورزق الإنسان منها قليل، والدين قليل، فانظر كيف أنزل الله تعالى أطول آية ليهدي عبده إلى طريق الاحتياط في حفظه دَينه، فكيف لا يحفظ دِينه الذي لا عوض له منه؟! يقول بعضهم: لئن كنت في الدنيا بصيراً فإنما بلاغك منها مثل زاد المسافر إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما يقتاته منها فليس بضائر وقال الملا علي بن سلطان القاري: فوجهه أنه سبحانه وتعالى أمرنا بالاحتياط لدنيانا الفانية التي نهانا عن الاغترار بها والركون إليها والاعتناء بها، وأمرنا بالإعراض عنها والزهادة فيها، فإذا لطف بما أرشدنا إليه مع حقارتها في أطول آية من كلامه، فكيف بالدار الباقية دار الخلد في النعيم والالتذاذ الذي لا يساوي بل لا يدانى بالنظر إلى وجهه الكريم؟!