[عدم التأدب مع العلماء وازدراؤهم من قبل بعض تيارات الجهاد]
نلاحظ ملمحاً خطيراً جداً في بعض هذه التيارات، وهو: ازدراء العلماء، والنظر إليهم بتحقير وازدراء وتنقص، علاوة على سوء الظن بهم، وقد يصل الأمر إلى تكفيرهم، كما هو معلوم في بعض البقاع، والإنسان عندما يخرج إلى الخارج يرى هذه الأشياء منتشرة هناك، وكل من أراد أن يقول شيئاً قاله، ولا أحد يمنعه، فمثلاً: هذا الذي يدعي أنه أمير المؤمنين في خراسان يكفر الشيخ علي بلحاج فرج الله كربته، ويقول عن الشيخ ابن باز: أنا -تورعاً- لا أكفره، ولكن هو للكفر أقرب منه للإيمان!! ونلاحظ على بعض هذه التيارات أنهم يبدءون دعوتهم بتشويه سمعة العلماء، وهز الثقة بهم، وما أكثر ما يستغلون أزمة الخليج، وما صدر من بعض أفاضل المشايخ من اجتهادات، ولنفرض -على أسوأ الفروض- أن هذا اجتهاد خاطئ، فكان ماذا؟! اجتهد فأخطأ، فما المشكلة؟! ألم يجتهد الصحابة من قبله فأخطأ بعضهم، وحصل بينهم القتال؟! ومع ذلك كلٌ مثاب على اجتهاده، وكل يريد مصلحة الإسلام والمسلمين، فهؤلاء يريدون أن يحطموا العلماء ليكونوا هم المفتين، ويكونوا هم أهل الحل والعقد في هذه الأمور، بعد تحطيم العلماء، وتشويههم، وازدرائهم.
ومن مرجحات هذا الحوار الصريح: حصول نوع من الخلط بين الأوراق بطريقة سيئة جداً، كما سيأتي في ظاهرة خلط الأوراق، ووضع الأسماء لغير مسمياتها، فهذا أمر شاع، ونحتاج إلى توضحيه.
كما ننبه على ضرورة الحذر من موضوع التأويل؛ فما من فتنة في تاريخ الإسلام كله، وما من دم أريق، ولا بدعة ظهرت، ولا فساد حصل في الأرض؛ إلا بسبب التأويل الفاسد الذي هو عدو الدين.
فهذه الملاحظات نضعها بين يدي الكلام في هذا الموضوع، ولابد أن نتذكر ونحن نبحث هذا الموضوع أننا في دار ابتلاء، والنتائج هناك في الآخرة، فينبغي للإنسان أن يتبصر كثيراً قبل أن يضع قدمه في أي طريق، وينظر في العواقب، ليس العواقب العاجلة فقط، ولكن ينظر إلى العواقب على المدى البعيد، وينظر إلى الآفاق، أما النظر تحت القدمين، أو في العواقب العاجلة والفرح بها؛ فهذا ليس من شأن العقلاء والمنصفين.