[الاحتياطات التي شرعها الإسلام لسد ذرائع الفتنة بالمرأة]
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم! صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
كلامنا يدور حول قضية فتنة المرأة واحتياطات الإسلام إزاءها؛ إذ أول معالم الفتنة في بني إسرائيل كانت بالنساء، وهناك احتياطات شرعها الإسلام لسد ذرائع الفتنة بالمرأة، وينبغي أن يعلم أن حفظ العرض من المقاصد العليا للشريعة الإسلامية، والشريعة تسير في اتجاهين لمنع وقوع الفاحشة، فهناك إجراءات وقائية وهناك إجراءات علاجية.
أما الإجراءات الوقائية فهي تحريم الزنا وبيان أنه خراب للدنيا وللدين، وهناك جملة من الآيات والأحاديث والآثار في الحث على العفة والتحذير من الفاحشة وبيان عاقبتها الوخيمة في الدنيا والآخرة.
وأعظم الإجراءات التي شرعها الإسلام لحماية المسلمين من هذه الفتنة هو الاجتهاد في إصلاح القلب؛ فإن ذلك هو أعظم رادع عن المعاصي.
ومن هذه الإجراءات منع الزواج ممن عرف -أو عرفت بالفاحشة- إذا لم يتب، فلا يجوز نكاح الزانية أو الزاني، كما قال تبارك وتعالى:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً}[النور:٣] يعني: فاسقة مثله {أَوْ مُشْرِكَةً}[النور:٣] لا تعتقد تحريم هذا الفعل أصلاً، أو العكس كما في الآية الكريمة، إذاً هذا يدل على أن الكفاءة في العفة شرط في الزواج، الكفاءة في العفة أن تكون مثله، فلا يزوج العفيف من فاسقة، ولا يزوج الفاسق من امرأة صالحة عفيفة؛ لعدم وجود التكافؤ، قال تعالى:{الزَّانِي لا يَنكِحُ إلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ}[النور:٣] يعني: فاسق مثلها مستهتر {أَوْ مُشْرِكٌ}[النور:٣] يعتقد تحريم ذلك، {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}[النور:٣] أما أهل الإيمان فإنه يحرم على المؤمن أن يتزوج زانية، وكذلك بالنسبة للمؤمنة.