[الخاتمة السيئة لكتاب إسماعيل]
يقول في خاتمة الكتاب: أضرت المنقّبة ببصرها بهذا التضييق غير المشروع، وربما اصطدمت بالناس أو بوسائل المواصلات بسبب الإبصار بعين واحدة، فلا تحدد المسافة على الإطلاق، وحرمت نفسها -وانظر إلى العبقرية- من أحكام شرعية عظيمة وسنن ثابتة، مثل: ١ - بشاشتها في وجه أختها المسلمة التي هي صدقة.
٢ - حرصها على الشهادة لله فيما يجد من أمور مفاجئة أو تبايعات أو حوادث في الطريق؛ ليحق الحق ويبطل الباطل، بأن يعرفها من يريد شهادتها فيما شهدت فيدعوها إلى الشهادة بعد ذلك.
٣ - معرفتها لأختها أو جارتها المسلمة حتى تتعاون معها على البر والتقوى.
أقول: لا تستغرب هذا؛ لأنه فهم من آية الحجاب أن النقاب يكون داخل البيت وخارج البيت، وسيأتي النص على ذلك.
ثم تأمل قمة العدوان والبهتان والظلم المبين، وهي خاتمة السوء لكتابه والعياذ بالله.
إذ يقول: وفَتَحَتْ -أي: المنقبة- أبواباً خبيثة تستجلب الضرر للمسلمين؛ إذ يمكن أن يؤوي هذا الغطاء بعض المجرمين والهاربين من القصاص الذين يستترون به حتى يتموا أغراضهم في غفلة من رأي العامة! وأقول: وهل المجرمون محتاجون إلى أن يختفوا الآن؟! وهل الفاسقات يحتجن إلى الاختفاء في هذا الزمان وفي هذا المجتمع الذي نعيشه؟! هذه واحدة.
والله لو كان هناك سلطان شرعي لعّزره ولأدبه على هذا الكذب والبهتان، فالله المستعان! قال: ويئوي كذلك رجالاً يدخلون بيوتاً على أنهم من النساء لمظهرهم، فيؤمن من جانبهم، بينما هم يأتون الفاحشة في هذه البيوت! ويئوي بعض غير المسلمين الذين يدخلون إلى مساجدهم واجتماعاتهم الدينية والعلمية للتجسس عليهم والكيد لهم.
ويئوي بعض اللصوص في المواصلات العامة، فتكثر الجريمة، ويزيد الإفساد في الأرض! ويمكن للنساء المنحرفات أن يسرن مع غير أزواجهن، ويسافرن معهم دون خوف كشف أمرهن، فتزيد إمكانات الراغبات في الانحراف، وغيره كثير، كل ذلك وهي تحسب أنها تحسن صنعاً بما أتت من مخالفتها لأحكام الكتاب والسنة عموماً، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (من دعا إلى هدى كان له من الأجور مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) نعوذ بوجه ربنا الكريم من مخالفة الكتاب والسنة، ومعاندة الهدي النبوي الأمثل، ومعارضة الخلفاء الراشدين وسائر الصحابة الأفاضل أجمعين، والتشبه بأهل الكتاب، والصد عن سبيل الله! انتهى كلامه.
فنقول له ما علمناه ربنا سبحانه وتعالى: (سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:١٦] وزور جسيم من مثل هذا الأفاك الأثيم، فهو يعلم تماماً أن الحقيقة على النقيض من ذلك، وهذه الشبهة قديمة قدم الكائدين للإسلام والمنافقين الذين في قلوبهم مرض.
ونقول له: فض الله فاك لهذا الافتراء الذي يصل إلى هذا الحد من الاتهام وإثارة الريبة في فتيات هن أعز نساء هذه الأمة.
إن المنافقين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا أفقه من هذا؛ لأنهم علموا أن المرأة الحرة تبالغ في الستر؛ لأن المرأة التي تبالغ في ستر نفسها تكون قد أعلنت عن عفتها وتصونها، وأنها لا يمكن أن تقارب الفاحشة وقد غطت وجهها أو كفيها، فالمنافقون فقهوا ذلك، فكانوا يتعرضون للإماء بالليل ويعرفونهن لأنهن كاشفات لوجوههن، فإذا رأوا المرأة الحرة كاشفة وجهها يظنونها أَمَة، مع أنه يحرم التعرض للإماء والحرائر، لكن الحرائر كن مشهورات بالعفة، والإماء قد يوجد فيهن شيء غير ذلك، فكانوا يعرفون أن الستر علامة العفة، ويقولون: حسبناها أمة؛ لأنها كشفت وجهها.
أفيكون الآن الستر علامة السوء والعياذ بالله؟! فالمنافقون في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام أفقه من منافقي زماننا.