التنبيه الثالث: حال محترفي التمثيل من الناحية السلوكية، لو تأملنا في وضع التمثيل وحال محترفي هذا النوع من الفسق، فسنخرج بنتيجة واحدة هي: أن غالبهم سقط من الناس، ليس للصلاح ولا للتقوى مكان في حياتهم العامة، ولا للأخلاق الإسلامية محل في دائرة أخلاقهم، ولا للقيم النبيلة اعتبار عندهم، فإذا تقمص أحدهم شخصية امرئٍ صالح أو نبيل أو شهم أو عفيف أو جواد فذلك لأجل ما سيتقاضاه ثمناً لهذا الدور، وليس لأنه يعظم هذه المبادئ أو يحترم هذه القيم، لكن هذا الدور يفرض عليه أنه يتمثل برجل طيب أو صادق أو نبيل مقابل الثمن، ثم يعود إلى سيرته الأولى ضاحكاً لاهياً ساخراً معرضاً عن الجوانب المشرقة في حياة هؤلاء النبلاء! بل إن منهم من فلمه المعروض يبين حال فسقة، ولا أعتقد أنهم يقدرون على رفع قضايا سب وشرف إلى المحكمة؛ لأن الفسق معروف عنهم تماماً الآن، بل هم أنفسهم يجهرون به، ولا يحتاج إلى اتهام، بل القضايا التي تنشر لهم بين وقت وآخر تدل على اتهامهم نساء ورجالاً بأقبح أنواع القبائح، نسأل الله العافية.
وإننا لنتذكر كلمة قالها محمد الصباغ -حفظه الله- في بعض المناسبات في رمضان لما كان في مسجد الفتح، فكان يذكر حديث جريج العابد لما أتته أمه وهو يتعبد في صومعته فنادت عليه فقال: صلاتي أو أمي؟ فأقبل على صلاته ولم يجب أمه، وذلك ثلاث مرات، فدعت عليه أمه في المرة الثالثة بأنه لا يموت حتى يرى وجوه المومسات (الزانيات) فهذه الدعوة عقوبة دعت بها عليه أمه، وهي أن تقع عينه على هؤلاء النساء، فهذه عقوبة، فكيف -إذاً- بالمسلم الذي يتعمد النظر إلى الفاسقات! ويسعى إلى النظر إلى الفاسقات! فهذا أمر عظيم بلا شك؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لـ علي:(لك الأولى وليست لك الآخرة) والأولى هي نظر الفجأة، فكيف بالنظر المتعمد؟! فبعضهم يبذل ماله ووقته وعمره ليسعى إلى أماكن الفساد، ويبذل المال والوقت ويسعى إلى الفاسقات حتى يرى صورهن القبيحة، بل ويستلذ بهذه المعاصي ويستحسن ذلك ويفرح! فهذا النوع من الفرح شؤم على صاحبه في الدنيا والآخرة.