للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نتيجة أدلة من لا يفكر تارك الصلاة كسلاً

تلك الأدلة تدل على أن ترك الصلاة -بلا شك- من أكبر الكبائر على الإطلاق، لكن ليس هو كفراً أكبر مخرجاً من الملة؛ لأننا لا يمكن أن نسوي بين من آمن بالرسول عليه الصلاة والسلام إيماناً صادقاً وأيقن أن محمداً عليه الصلاة والسلام رسول من عند الله حقاً وبين من كذب الرسول صلى الله عليه وسلم كاليهودي أو النصراني.

فهناك أدلة على عدم تخليد أصحاب الكبائر في النار، وهي تثبت أن تارك الصلاة يعذب بالنار ويستحق ذلك إن شاء الله عز وجل، لكن لا يخلد فيها، ولذلك نجد أن أدلة الفريق الآخر الذي يكفر تارك الصلاة غاية ما فيها أن تارك الصلاة يعذب في النار، لكن يرد عليهم بالقول: فأين الدليل على خلوده؟ فنحن لا نختلف على أنه يدخل النار إذا قدر الله له العذاب.

ومن الأدلة التي تؤيد القاعدة العامة التي تقول: إنه ليس هناك من الأعمال الصالحة ما إذا ضيعه الإنسان يخلد في النار قول الله عز وجل: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة:٧٢]، ومنها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٣٩]، ومنها قوله تعالى: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:٨١] وغير ذلك من الأدلة العامة التي تدل على تكفير مرتكب الشرك، أما من ارتكب الكبائر خلا الشرك فإنه لا يكفر إلا إذا استحلها.

ومن ذلك -أيضاً- قوله تبارك وتعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ} [فاطر:٣٢] فقوله: (فمنهم ظالم لنفسه) هم أصحاب الكبائر.

فيدل هذا على عدم كفره؛ لأنه داخل في الذين اصطفاهم الله، وإن كان قد يعذب.

وهناك جملة كبيرة من النصوص التي فيها وصف أفعال معينة بالكفر، والكفر فيها ليس كفراً أكبر، ولكنه كفر دون كفر، والآيات في هذا كثيرة جداً والأحاديث في هذا كثيرة.