للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتهامات بحق حكومة طالبان وردها]

في القضايا الإسلامية كل واحد يعطي نفسه الحق في الكلام.

فبعضهم قال: إن الذي عملته طالبان صح شرعاً، لكن هم لهم هدف سياسي، فلأنهم معزولون الآن عالمياً، أرادوا أن يلفتوا الأنظار لأجل أن يعترف بهم العالم.

إلى آخر هذا الكلام.

وبعضهم أساء الظن وقال: إن هذا صرف للأنظار عن قضايا المسلمين، أو إعطاء اليهود مبرراً لأجل أن يهدموا المسجد الأقصى في المقابل.

إلى آخر هذا الكلام، فكل هذا سوء ظن في الحقيقة.

وبعضهم قال: هذا حق يراد به باطل.

فتدخلوا في النيات.

وقائل: هذه عبارة عن رسالة سياسية من أفغانستان.

ونقول: ليكن الافتراض الأول، فليكن أن لها هدفاً سياسياً أو تكتيكاً سياسياً، فمن المعروف أن من حق كل دولة أن تمارس ممارسة ذات مصلحة خاصة بها من أجل قضاياها، فإذا أرادوا بالفعل شد أنظار العالم لتسليط الأضواء على بلادهم المنسية التي قتلها سابقاً الروس والشيوعيون ويخلفهم الآن الحصار؛ فماذا يعيبهم؟! ومع ذلك نقول: هذه هي الطريقة الغربية في التفكير؛ لأنهم لا يؤمنون بالله ولا بالرسل، فالغرب ومن تبعهم -فضلاً عن وثنيي الشرق- في أي ظاهرة دينية يأخذون منها البعد الإيماني أو البعد الديني، فلا يقرون بالبعد الديني في أي عمل يقوم به المسلم، بل يفسرونها تفسيراً مادياً، فيفسرون حركة دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة بأنها كانت لأجل الأوضاع الاقتصادية والطبقية في مكة، فهو تفسير مادي.

وكل العالم يقاطع طالبان، ولا يزال يعترف بالحكومة التي لا تكاد تسيطر على أي شيء في أفغانستان، حتى منظمة المؤتمر الإسلامي لا تعترف بطالبان، وإنما تعترف بها - كما أظن- باكستان والإمارات فحسب.

وكان هذا لأن رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي كانت بيد إيران، ومعروف العداء الشديد بين طالبان وبين إيران، فلم يفكر أحد في أن يتعامل معهم إلا من خلال هذا الضغط.

والمسألة كتكتيك سياسي ما المانع منها؟ أهي حلال لغيرهم وحرام عليهم؟! فلو كان هناك بعد سياسي لهذه القضية، فما الذي ينكر عليهم في هذا الأمر؟! وهناك موضوع آخر في قضية أفغانستان هو موضوع المخدرات، إذ يقول بعض الناس: إن أولئك أهل مخدرات، فأولى بطالبان أن يحرموا المخدرات قبل الإقدام على هدم التماثيل! ونقول: أي دولة في العالم ليس فيها مخدرات؟ فأمريكا نفسها أم المخدرات، والعالم مليء بالمخدرات في كل مكان، ولا يوجد بلد -تقربياً- يخلو من هذا الأمر؛ لكن هنا إشارة عابرة، فالأمم المتحدة نفسها أعلنت مؤخراً أن مسئوليها في مجال مكافحة المخدرات في أفغانستان فوجئوا بنتائج دراسة حول وضع المخدرات في أفغانستان، حيث حصل انخفاض هائل في زراعة المخدرات بعد المرسوم الذي أصدره الملا محمد عمر زعيم طالبان بتحريم زراعة المخدرات والاتجار بها ومعاقبة من تثبت مخالفته.

فبعد أن كان هناك سبعون ألف هكتار مزروعة بالمخدرات بقي منها سبعة وعشرون هكتاراً مزروعة بالمخدرات في إحدى وخمسين مديرية، فهذه الإحصائية والمسح الذي عملته الأمم المتحدة نفسها بخبراء يتبعونها.

فهذه الإحصائيات أعتقد أنها تكشف الكلام عن هذا الموضوع.