للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مراحل التغيير في التربية]

لابد من المضي في عدة خطوط: تربية مستمرة للدعاة إلى الله سبحانه وتعالى علماً وعملاً، فينبغي أن يكون لك تربية علمية منهجية ومرحلية ويكون فيها العلم بجانب العمل جنباً إلى جنب، ثم تربية أطفال الدعاة والمنتمين إلى الدعوة، فهم يأتون في المرتبة الثانية بعد الدعاة.

فلابد من الاهتمام الشديد بأطفال الدعاة، وليس هذا نوعاً من التمييز العنصري، كلا؛ لأن الغالب أن أطفال الدعاة والمنتمين إلى الدعوة قد توافرت لهم بيئة صالحة غير معادية للإسلام أو جاهلة بالإسلام، بل المفروض أن تكون البيئة التي ربينا نحن أبناءنا فيها أفضل من الأجيال الماضية؛ لأن الأخ الملتزم والأخت الملتزمة صارا ركنين أساسين في الأسرة، ولن يعانيا ما عانته من قبل أسرتاهما، وكذلك الملتزم إذا التحى والتزم بصلاة الجماعة وغير ذلك فإنه لن يتلوث ببعض الأمور التي نشأنا عليها من الاختلاط والمفاهيم الخاربة في مناهج التعليم أو في الأسر، وإنما هذا المفترض أن يكون حظه أسعد من غيره؛ لأن هناك أباً مسلماً وأماً مسلمة يوفران عليه كثيراً من العناء، ويوفران عليه كثيراً من المراحل التي قطعها الجيل السابق.

إن عملية تربية الطفل -كما قال مالك بن نبي رحمه الله تعالى- لا تبدأ بالولادة، وإنما تبدأ بانتقاء الزوجة، وإيثار ذات الدين على غيرها، تبدأ عند إتيان الأهل، وذلك بذكر الله سبحانه وتعالى حتى لا ينالهما الشيطان بسوء، أو الولد إن قدر بينهما ولد لم يمسه الشيطان، تبدأ إذا كان الولد نطفة في رحم أمه أو مضغة، وذلك بالدعاء ليل نهار أن يخرج الله من صلبهما من يجعل عز الإسلام على يديه، كما حصل من الأئمة الأجلاء من قبل، فقد كانوا يستعدون للذرية الصالحة كما حكى الله عن عباد الرحمن: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:٧٤]، فإذاً العملية بالفعل تبدأ قبل ذلك وقت اختيار الزوجة.

فالشاهد أن أطفال الدعاة المفترض أن العقبات الموجودة في الأسر الأخرى ليست موجودة أمامهم؛ لأنهم متشبعون بروح الدعوة، ومتشبعون بمفاهيمها، فالمفترض أن يكون هؤلاء أجدر من الآخرين، أن يكونوا امتداداً لآبائهم؛ لأن فرصتهم -كما ذكرنا- أحسن من غيرهم.

المرحلة الثالثة: الاهتمام عموماً بتربية أطفال المسلمين، عن طريق المساجد والمدارس ووسائل الإعلام إن أتيح، فإذا نشأ الطفل منذ الصغر على التربية الإسلامية تغلغلت فيه، وأصبحت جزءاً من كيانه، وشكلت سمات ومميزات شخصيته البارزة والثابتة.