[الأسس العامة في علاقة المسلمين بغيرهم]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
أما بعد: فقد كثر سؤال الإخوة في الحلقات السابقة عن كثير من الأحكام التي تتعلق بأدب التعامل مع الكافرين، والسلوك الذي ينبغي أن يسلكه المسلم مع الكفار باختلاف أنواعهم، وكنت أرجئ جميع هذه الأسئلة إلى مثل هذه الفرصة حتى نحاول أن نستوفي الموضوع من شتى جوانبه.
وقد وجدت دراسة من أفضل الدراسات في هذا الموضوع، سبق أن مررنا بشيء يسير منها في أثناء فتنة الخليج، وهي في كتاب الدكتور عبد الله بن إبراهيم بن علي الطريقي المسمى: الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي.
ونحن نعلم أن دين الإسلام هو الرسالة الخاتمة الكاملة، جاء الإسلام بتشريع دقيق واف شمل كل أمور الحياة البشرية في الدين والدنيا، ومن جملة ما شمله الإسلام: تنظيم العلاقات بين الناس بعضهم ببعض، سواء كان بين الراعي والرعية، أو بين الوالد وأولاده، أو بين الزوج وزوجته، أو بين الأقارب أو الجيران، أو بين المسلم والمسلم، أو بين المسلم وغير المسلم، أو بين الدولة وغيرها من الدول في حالتي السلم والحرب.
لقد وضع الإسلام لكل ذلك حدوداً وشرع شرائع وأحكاماً بينة، ولعل من أهمها هي العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين، فإننا إذا تحرينا وجدنا أن هذه المسألة قامت عليها أدلة كثيرة جداً، ولذلك قال بعض العلماء: إنها أعظم مسألة قامت عليها أدلة من القرآن والسنة بعد مسألة توحيد الله تبارك وتعالى، وسوف نجتزئ من الفصل الأول من الرسالة من الباب الأول: الأسس العامة في علاقة المسلمين بغيرهم.
وقد ذكر الدكتور الطريقي حفظه الله بعض الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقة بين المسلمين وغيرهم.
الأساس الأول: سماحة الإسلام والمظاهر الإنسانية.
سبق التنبيه على استعمال كلمة الإنسانية في نفس هذا السياق، وأن كلمة الإنسانية أحياناً لا تذكر في سياق المدح، فيكون بذلك إذاً مخالفة للقرآن الكريم، أو مخالفة لأسلوب القرآن وألفاظ القرآن؛ لأن القرآن لم يستعمل لفظ الإنسان إلا في سياق الذم، بحيث يشير القرآن إلى أن هذا المخلوق البشري من حيث هو مخلوق قبل أن ينتفع بهداية الله تبارك وتعالى إياه، فالمخلوق العاري عن التوفيق والهداية يسمى إنساناً، ولذلك نجد صفاته دائماً مذموماً؛ لأنه لم ينتفع بعد ولم يستجب لهداية الله تبارك وتعالى، لم يهتد ولم يوفق لذلك، فانظر إلى أي صفة للإنسان في القرآن: {إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:٢]، وقوله: {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء:٣٧] وقوله: {إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات:٦]، {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:٧٢] وهكذا.
الأساس الثاني: أن الإسلام دين خاتم عالمي.
الأساس الثالث: العدل.
الأساس الرابع: الوفاء بالعهود والمواثيق.
الأساس الخامس: منع الفساد في الأرض.
الأساس السادس: منع موالاة الكفار.
الأساس السابع: القاعدة في معاملة الكافر وتوثيقه وقبول خبره.