[نماذج من مواقف العلمانيين من هذا الدين]
وهذه نماذج أخرى -وإن كانت متناثرة- من مواقف العلمانيين, فهؤلاء هم حواريو العلمانية وأنبياؤها والمبشرون بها؛ كي نعرف أعداءنا، ونقف منهم الموقف الذي يستحقونه, فهذا جميل معلوف، وأنا أسميه المعلوف يقول: إن الأجانب يحتقروننا بحق، ونحن نكرههم بلا حق, وإن خلاص الشرق يتوقف على تفرد الشرقيين بكل معنى الكلمة, فلا عهدة شرعية تربطنا بإسلامنا, ويجب أن نكون أبناء اليوم لا بقايا الأمس، ثم يقول: أجد بلاء الشرق كله من الأديان, والمصيبة في الشرقيين من الأنبياء.
وهذا سلامة موسى ونقول للذين يعيدون نشر كتبه النتنة الآن في سلسلة المواجهة: من تواجهون؟! تواجهون الله؟! وقد أثبتوا أنهم ليس عندهم من يصلح أن يكتب أي كلام موضوعي، فعكفوا على إعادة هذا التراث العفن الذي افتضح وبدت سوءته للناظرين منذ عشرات السنين؛ يقول سلامة موسى -وهو نصراني ملحد قد جمع بين السوءتين-: إن الرابطة الدينية وقاحة, فإننا أبناء القرن العشرين أكبر من أن نعتمد على الدين جامعةً تربطنا.
وهذا يوسف إدريس الكاتب الماركسي اليساري الذي أعطاه طه حسين صك الشهرة؛ لأنه من أصحاب الأفكار الإباحية، فهو يدعو إلى نبذ التراث العربي كله، وإلى إلقائه في البحر، أو إحراقه, ويصف تراثنا بأنه سخيف، وأنه ليس فيه شيء للقراءة، ويقول: يجب أن تحرق كتب التراث كلها.
وقال رجل دمشق في عقب الإحداث سنة خمس وستين، وذلك بعدما دخلت الدبابات مسجد بني أمية تفتك بالمصلين والموحدين، واستشهد من المصلين مئات المسلمين، وأغلق الجامع أياماً؛ لإزالة ما علق بأستاره ومحرابه من جثث المصلين، ودماء الراكعين الساجدين، وذلك لا لشيء إلا لأنهم طالبوا بتحكيم شرع الله في ظل هذا الحكم البعثي العلماني الملحد, وفي نفس ذلك اليوم قال رجل دمشق في بيان رسمي: إننا لن نسمح لمن كانوا يعيشون في هذه البلاد قبل ألف وأربعمائة سنة أن يفرضوا علينا نظمهم القديمة، ولا أن يضعوا لنا أسس حياة إسلامية نعيشها في هذا العصر المتطور.
وهذا أحد دعاة العلمانية والعروبة في نفس الوقت يقول: العروبة نفسها دين عندنا نحن القوميين العرب.
فهم يسمونه ديناً، ونحن لم نأتِ بهذا الكلام من عندنا، فالعلمانية دين، والقومية دين, وقد ذكرت من قبل أن بعض الأفاضل حكى عن بعض المنظمات العلمانية الفلسطينية أنهم كانوا حين يقوم ليأذن بالصلاة يقفون صفاً واحداً، ويشوشون عليه، ويسخرون منه، وينشدون بصوت يشوش على الأذان فيقولون: إن تسل عني فهذي قيمي أنا ماركسي يوناني أممي ويقول شاعرهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثاني ويقول هذا الداعية: العروبة نفسها دين عندنا نحن القوميين العرب؛ لأنها وجدت قبل الإسلام وقبل المسيحية في هذه الحياة الدنيا, ولئن كان لكل عصر نبوة، فإن القومية العربية هي النبوة في هذا العصر في مجتمعنا العربي.
ويقول أحد هؤلاء أيضاً: نحن نريد بدارسة التاريخ أن نميز بين العروبة والإسلام في وجهتنا, وإن اعتزازنا بالتراث، وإعطاءنا القيم منزلتها لا يعني اتخاذ الإسلام رابطة سياسية، أو إقامة الكيان على أساسه.
ويقول أحد هؤلاء وهو المسمى أدونيس في رسالته للدكتوراه (الثابت والمتحول) إذا كان التغيير يفترض هدماً للبنية القديمة التقليدية، فإن هذا الهدم لا يجوز أن يكون بآلة من خارج التراث العربي، وإنما يجب أن يكون بآلة من داخله, فإن هدم الأصل يجب أن يمارس بالأصل ذاته.
يعني تحريف معاني الإسلام.
وأطروحة الدكتواره هذه قدّمت إلى الجامعة الأمريكية التي يشنع فيها على الإسلام، وقد أشرف على الرسالة الأب لويس نويا اليسوعي، وشارك في مناقشاتها الدكتور أنطوان غطاس كرم، ورشح صاحبها من دوائر الاستشراق الأوروبي المعاصر لأجل نيل جائزة عالمية شهيرة؛ بوصفه شاعراً ومفكراً إسلامياً ثائراً.
وهذا زكي نجيب محمود، وهو مشهور باحتقاره لتراثنا الإسلامي، يقول: لم يكن ثم أثر للحياة الثقافية، أو العلمية، أو الفكرية في قرون الإسلام الأولى، بل ولا الأخيرة, فلم يكن العالم في العهود السابقة يبلغ من علمه حداً يجاوز إحسانه للقراءة والكتابة.
يعني: أنّ ابن كثير وابن تيمية والبخاري ومسلماً وكل الأئمة الأعلام أقصى ما حصلوه من العلم معرفتهم للقراءة والكتابة فقط، وليس عندهم أي شيء من العلم والفكر غير القراءة والكتابة!