عن أنس بن مالك رضي الله عنه:(أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام وكان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية، فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه)، يعني: إننا نستفيد منه ما يستفيد الرجل من باديته من أنواع المتاع، ونحن حاضرو المدينة نعد له ما يحتاج إليه مما لا يجده هو في البادية.
كان يقول عليه الصلاة والسلام على هذا الرجل:(إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه وكان دميماً -يعني: قبيح الوجه رضي الله تعالى عنه- فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، فقال: أرسلني من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو -أي: لا يبالي- ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتضنه يقول: من يشتري العبد؟ من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول الله! إذاً والله تجدني كاسداً -يعني: تجد سعري قليلاً؛ لأنني ذميم الخلقة- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لكنك عند الله لست بكاسد، أو قال: لكن عند الله أنت غال) أخرجه الإمام أحمد والبغوي والترمذي في الشمائل وصححه الحافظ ابن حجر في الإصابة.
ففي هذا الحديث كيف كان صلى الله عليه وسلم يواسي الفقراء، وكيف أنه لم يلتفت إلى صور الناس؛ لأن العبرة بالقلوب والأعمال وليس بهذه المظاهر الكاذبة، هكذا تعلم منه الأصحاب الذين هم أولو الألباب رضي الله تعالى عنهم أجمعين.