[الحث على التمسك بالسنة من أقوال السلف والعلماء]
أما أقوال الصحابة والتابعين في الحث على السنة فما أكثرها! منها: ما رواه الدارمي عن الذهلي رحمه الله قال: (كان من مضى من علمائنا يقولون: الاعتصام بالسنة نجاة).
وعن هشام بن عروة عن أبيه رحمه الله قال: (السنن السنن! فإن السنن قوام الدين).
وعن الأوزاعي رحمه الله قال: (كان يقال: خمس كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم والتابعون بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المسجد، وتلاوة القرآن، والجهاد في سبيل الله).
وأخرج البيهقي من طريق مالك: (أن رجاء حدثه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يتبع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثاره وحاله، ويهتم به؛ حتى كان قد خيف على عقله من اهتمامه بذلك).
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم -لما جلس يأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء من حوالي الصحفة، فما زلت أحب الدباء من ذلك اليوم)، ولذلك بوب الإمام النووي رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث فقال: باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين.
واليقطين: هو الدباء.
وعن عبد الله بن الديلمي قال: (بلغني أن أول ذهاب الدين ترك السنن، يذهب الدين سنة سنة كما يذهب الحبل قوة قوة).
وعن عبد الله بن عون رحمه الله أنه قال: (ثلاث أرضاها لنفسي ولإخواني: أن ينظر الرجل المسلم القرآن فيتعلمه، ويقرأه، ويتدبره، وينظر فيه، والثانية: أن ينظر ذاك الأثر والسنة فيسأل عنه، ويتبعه جهده، والثالثة: أن يدع الناس إلا من خير).
وعن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: (إن لله عباداً يحيي بهم البلاد، وهم أصحاب السنة).
وعن أبي العباس أحمد بن محمد بن سهل بن عطاء أنه قال: (من ألزم نفسه آداب السنة عمر الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من متابعة الحبيب في أوامره وأفعاله وأخلاقه، والتأدب بآدابه قولاً وفعلاً ونية وعقداً).
وعن الجنيد قال: (الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبع سنته، ولزم طريقته؛ فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه).
فمتى ما حافظ المسلم على السنة محافظته على الطعام والشراب الذي به قوام البدن أو أشد غمرته الفوائد الدينية والدنيوية.
والحقيقة: أن التشبيه الذي ذكره تشبيه مؤلم، فالإنسان منا إذا راجع نفسه وسأل نفسه: هل يحافظ على السنن -بمعناها الواسع- محافظته على الطعام والشراب؟ فللأسف الشديد قد يكون حال كثير من الناس أنه لا يمكن أن يفرط في الطعام والشراب، لكن يهون عليه أن يفرط في السنة، مع أن حاجة الإنسان إلى هدي النبي صلى الله عليه وسلم أهم وأقوى من حاجته إلى الطعام والشراب.
يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله: (وفي اتباع السنة بركة موافقة الشرع، ورضا الرب سبحانه وتعالى، ورفع الدرجات، وراحة القلب، ودعة البدن، وترغيم الشيطان، وسلوك الصراط المستقيم).
وقال ابن حبان رحمه الله تعالى في مقدمة صحيحه: (وإن في لزوم سنته عليه الصلاة والسلام تمام السلامة، وجماع الكرامة، لا تطفأ سرجها، ولا تدحض حجتها، من لزمها عُصم، ومن خالفها ندم؛ إذ هي الحصن الحصين والركن الركين الذي بان فضله، ومتن حبله، ومن تمسك به ساد، ومن رام خلافه باد، فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل، والمغبوطون بين الأنام في العاجل).