من المهم التنبيه على موضوع الاستعانة بالجن، وهذا باب من أبواب الفتن، وقد فتحوه بعد أن كانوا في البداية لا يتجرءون على هذا الوضع، وما كان يقدر أحد أن يفتح أبداً موضوع الاستعانة بالجن إلا وينُظر إليه باشمئزاز، يقول القائل: كيف تستعين بالجن؟ هذا شرك، وهذا كذا وهذا كذا.
ثم التقطوا عبارة لشيخ الإسلام ابن تيمية فهموها على غير وجهها، وبدءوا من حيث انتهى شيخ الإسلام، وانطلقوا إلى أبعد الآفاق في موضوع الاستعانة بالجن.
الأمر الذي يجب أن نوضحه في نهاية هذا الحديث: أن خبر الجني لا يقبل، فكل شيء جاء عن طريق الجن يشطب عليه، وكأننا ما سمعنا شيئاً، فلو ادعى الجني بأنه يحب كذا، أو يكره كذا، أو دلنا على كذا، أو هذا الجني صالح، أو يساعدني، أو أستعين به، أو يعمل عمليات جراحية، أو يعالج العقم؛ كل هذا يشطب عليه، وكأن شيئاً لم يكن هذا هو المخرج من هذا الوضع.
أين العدالة والضبط في خبر الجني؟ من هو هذا الجني؟ هل هو صادق أم كاذب؟ مسلم أم كافر؟ ولو قال بأنه أسلم، فما أدراك أنه صادق؟ وكيف تحققت أنه صادق في هذا؟ هل الإسلام كلمة مجردة تقال هكذا؟ ثم أيضاً يعد هذا فتح باب خطير جداً، أعني: محاولة التعرف على الغيب عن طريق الجني بدأ بعضهم يعمل أشياء فظيعة جداً مثل المندل، ولو سرق شيء قالوا: تعال هات لنا الجن الذين معك، قل لنا: من الذي سرقها، وأشياء أخرى كثيرة فتحت علينا أبواباً من الشرور كنا في عافية منها، ووصل الأمر إلى أن بعضهم يهدد غيره، ويقول بتبجح: أنا معي جني، وسوف أسلطه عليك ليؤذيك، فتحصل خصومة، وهذه أمور في غاية الخطورة.