للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عبودية الرياح والرعد والسحاب]

أما الرعد فهو أيضاً يسبح الله، يقول تعالى: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} [الرعد:١٣]، ويقول: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء:٤٤]، وكان بعض السلف إذا كان يقرأ في درس العلم وسمع صوت الرعد، يقول: سبحان من سبحتَ له! وكذلك الريح: فالريح من الكائنات التي نص على أنها تشفق من يوم الجمعة خشية أن يكون هذا هو الذي تقوم فيه القيامة، وأيضاً الريح لها عبودية، يقول تعالى في حق سليمان عليه السلام: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} [ص:٣٦]، أي تجري بأمر سليمان عليه السلام.

وعن جابر رضي الله عنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، فلما كان قرب المدينة هاجت ريح تكاد أن تدفن الراكب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت هذه الريح لموت منافق، فقدم المدينة، فإذا عظيم من المنافقين قد مات).

والسحاب كذلك له عبودية لله عز وجل، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم: (بينما رجل بفلاة من الأرض، إذ سمع صوتاً في السحاب: اسق حديقة فلان! فمر الرجل مع السحابة، حتى أتت على الحديقة، فلما توسطتها -أي: كانت بحذائها- أفرغت فيها ماءها، فإذا برجل معه مسحاة يسحي الماء بها، فقال: ما اسمك يا عبد الله؟! قال: فلان، بالاسم الذي سمعه في السحابة، فقال له: يا عبد الله! لمَ تسألني عن اسمي؟ فقال: إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان باسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذ قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثه، وأرد فيها ثلثه).