[صرخة نداء وتذكير]
التوجيه الأخير الذي نحتاج إلى أن نذكر به هو مسئولية تربية الإنسان لأولاده وأهله ونفسه ومن هم في سلطته، فالله عز وجل يقول: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه:١٣٢].
ويقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].
ويقول عز وجل: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} [الأعراف:٦].
وقال عز وجل: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الحجر:٩٢ - ٩٣].
وقال عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء:١١]، فالله أرحم بكم من أولادكم وهو يوصيكم في أولادكم.
وقال عز وجل: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات:٢٤].
وقال صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) فهل من النصيحة للأولاد والنساء والبنات والذرية والإخلاص لهم والمنفعة لهم أننا نطلق لهم العنان أمام التلفزيون والفيديو وكل هذه الصور من الفساد المعروض الذي جره إلينا التمثيل وغيره، وفي نفس الوقت نقصيهم عن المساجد وعن الصحبة الصالحة؟! قد هيئوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل يقول الفضيل ين عياض: الزم طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين.
فبعض الناس مساكين يظنون أن تربية الأولاد هي إيجاد الغذاء لهم، فيمكث الأب يمتعهم ويلبسهم أحسن الملابس، ويظن أن هذه هي التربية، فإن كان الأمر بهذه الصورة فما هو الفرق بين الإنسان وبين الحيوان؟! التربية مسئولية أضخم من ذلك بكثير، ليست بنوع التغذية والتنمية، ولكن بتربية هذا النشء حتى ندخل في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور:٢١]، وندخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أو ولد صالح يدعو له) يعني: ينفعه دعاؤه في قبره بعد موته.
فكيف نسلم بأنفسنا أهلنا ونساءنا وبناتنا لهؤلاء الفسقة والفجرة ليعلموهم هذا الفساد؟! ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليلا إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً تخلت أو أباً مشغولا فالأب مشغول والأم مشغولة، فيتركان الأولاد لهذه المفاسد، والنتيجة بعد ذلك الندم حيث لا ينفع الندم، يقول الشاعر: تبكي على لبنى وأنت قتلتها لقد ذهبت لبنى فما أنت صانع فلا ينفع الندم بعد فساد الأولاد، وما أكثر الحوادث التي تطرق أسماعنا، والسبب فيها هؤلاء الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا.
يقول بعض الشعراء: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه وما دان الفتى بحجىً ولكن يعوده التدين أقربوه ويقول الآخر: وليس النبت ينبت في بناء كمثل النبت ينبت في الفلاة وهل يرجى لأطفال كمال إذا ارتضعوا ثُديَّ الناقصات فهذه جمل بسيطة رأينا أن نجمع فيها منكرات التمثيل تحذيراً للمسلمين ونصيحة لهم بشأن هذا المنكر الفظيع، ونحذر من موالاة الممثلين أو تعظيمهم أو الافتتان بمفاسدهم، يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور:١٩].
اللهم! اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، ومتعنا -اللهم- بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا.
اللهم! أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا.
اللهم! أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
اللهم! توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، وصل -اللهم- على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.