جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجموعة من الشباب فأقاموا عنده، فلما قاربوا الانصراف قال لهم:(وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم) رواه البخاري.
فكبر السن أحد الأسباب التي تعطي حق الأولوية في الإمامة بعد أسباب أخرى، فإن قيل: لماذا هذه المجموعة خصت بقول النبي عليه الصلاة السلام: (ثم ليؤمكم أكبركم)؟ ف
الجواب
جاء في أول الحديث أنهم قالوا:(أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون) أي أنهم كانوا شباباً متقاربين في السن، وأتوا في وقت واحد، وتعلموا نفس العلم، فبالتالي يغلب عليهم أنهم حفظوا نفس الحفظ، فمعنى ذلك أنهم كانوا مستوين في قراءة القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله سلم) وهؤلاء الشباب كانت هجرتهم في وقت واحد، وكانوا شباباً متقاربين في السن، فمن ثمَّ قال لهم في هذا الحديث:(وليؤمكم أكبركم).
ولما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة نفر وشرع أصغرهم في الكلام قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(كبر الكبر) والكبر: جمع أكبر، يعني: احترم الكبار.
فعندما يكون هناك صغار وكبار فعلى الصغار أن يتركوا الكبار أولاً يتكلمون.
ومثل هذه الآداب لا ينبغي لنا أن ندع أبناءنا يتلقونها جزافاً، وبصورة غير مقصودة، بل لابد من أنك تفرد مجالس مع أبنائك بأن تلقنهم تلقيناً هذه الآداب، وتلح على ذلك، وتحاسب أحدهم إذا قصر، بحيث تترسخ هذه الآداب في نفسه منذ صغره، وتسهل عليه عند كبره، ومن ثمَّ لم يدع الرسول عليه السلام هذا الموقف يمضي دون أن يلقن الطفل هذا الأدب الشرعي المهم، فلابد من أن تلقنهم ذلك وتوجهه توجيهاً مباشراً.
فلما شرع أصغرهم في الكلام قال له النبي صلى الله عليه وسلم:(كبر الكبر) يعني: قدم للكلام من هو أكبر سناً منك.
فهذا أحد حقوق كبير السن أنه لا يتقدم بالكلام بين يديه.
وجاء في بعض الروايات:(الكبر الكبر) بالنصب على الإغراء.