عداء اليهود للإسلام وأهله قديماً وحديثاً
قال الله تبارك وتعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة:٨٢]، ولم يكن أمراً اتفاقياً أن يكثر القرآن الكريم من الكلام عن صفات هذا الصنف من الناس بهذا الشكل الذي يلفت النظر؛ لأن الكلام عن بني إسرائيل شغل حيزاً كبيراً في التنزيل الحكيم مكيه ومدنيه، فهناك حكم عظيمة، من ذلك: إبراز حقيقة العداء اليهودي المتأصل للإسلام وأهله.
واليهود اشتعلت نيران الحقد في صدروهم لما ظهر لهم أن النبي عليه الصلاة والسلام الذي أرسل ليس من بني إسرائيل، وأنه من بني إسماعيل، فتسلسلت بعد ذلك مؤامراتهم ضد الإسلام ونبي الإسلام.
وقد قاد النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد بنفسه ضد اليهود، وخاض صراعاً طويلاً معهم إلى أن أجلاهم عن المدينة المنورة، ولم يتوقف الكيد اليهودي عند هذا الحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالأفعى اليهودية قاومت الموت، وأصرت على أن تواصل لدغاتها الضاربة؛ عسى أن تصيب الإسلام في مقتل، وكانت روح رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المستهدفة هذه المرة، ونجح اليهود فيما أرادوا، إذ دبروا مؤامرة لقتل النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم قتلة الأنبياء، فقد كانوا سفاحين مجرمين، قتلوا الأنبياء من قبل، قتلوا زكريا عليه السلام، وقتلوا يحيى، وأهدوا رأسه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل! فأرادوا أيضاً -كعادتهم- أن يقتلوا سيد وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، إذ دبروا مؤامرة لقتله صلى الله عليه وسلم بالسم؛ لتنضاف بذلك جريمة جديدة في سجل قتلة الأنبياء.
فامرأة أحد زعماء اليهود أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مشوية، ودست فيها السم، وكانت تعلم من خلقه عليه الصلاة والسلام أنه يقبل الهدية، فلاك عليه الصلاة والسلام مضغة من الشاة فاستكرهها، فقال: (إن هذه الشاة لتخبرني أنها مسموة)، ثم مات من أكل تلك الشاة أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بشر بن البراء، وبقي النبي صلى الله عليه وسلم متأثراً بما لاكه منها، حتى إنه قال في مرضه الذي توفي فيه لأخت بشر: (إن هذا لأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك) يعني: أن تأثير هذه الأكلة بقي معه حتى قبض صلى الله عليه وسلم متأثراً به.
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يذكرون في فضائل رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه مات شهيداً بسبب تلك الشاة، قال تبارك وتعالى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة:٨٧]، فأتى بالتكذيب بصيغة الماضي، فقال عز وجل: (فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ)، ثم قال: (وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) ولم يقل: وفريقاً قتلتم؛ لأنه أراد بذلك وصفهم في المستقبل أيضاً؛ ولأنهم حاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بالسم وبالسحر.
فاليهود يقولون: نحن شعب الله المختار، وهم في الحقيقة ورثة إبليس، واليوم يرفع المسلمون في فلسطين في وجوههم شعار: نحن شعب الله المختار، وهذه هي الحقيقة، فإن هذه الأمة إذا تمسكت بكتاب ربها، وسنة نبيها كانت هي الشعب المختار كما قال تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠]، أما اليهود فهم ورثة إبليس في الإفساد في الأرض: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة:٦٤].
وقد ترك هذا الفساد والإفساد بصمات اليهود في كل صفحات التاريخ، وهذه البصمات شاهدة على حضورهم في كل مجال يمكن فيه الإفساد، فاليهودي كعب بن الأشرف واليهودي ابن أبي الحقيق كانا من أول من حاول قلب الأمور في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة، فجمعوا بين اليهود من بني قريظة وغيرهم، وبين قريش، وبين القبائل الأخرى في الجزيرة على محاربة المسلمين.
وذلك اليهودي عبد الله بن سبأ هو الذي أسس للشيعة دينهم.
واليهودي مدحت باشا كان وراء إثارة النعرات القومية، واستخدام المخططات الماسونية في دولة الخلافة العثمانية، مما أدى في النهاية إلى سقوطها على يد اليهودي الأصل مصطفى كمال أتاتورك؛ فإنه كان من يهود (الدونمة).
واليهودي كارل ماركس هو الذي كان وراء الموجة الإلحادية التي أصبحت فيما بعد قوة ودولة، بل أصبحت معسكراً دولياً، وقد بنى هذا المعسكر نفسه على أنقاض بلاد المسلمين وشعوبهم.
واليهودي فرويد كان وراء النزعة الحيوانية التي أصبحت فيما بعد منهجاً تتلوث به عقول الناشئة فيما يصنف تعسفاً على أنه علم وتقدم.
واليهودي دوركايم كان وراء أفكار هدم الأسرة وتفكيك الروابط المقدسة في المجتمعات.
واليهودي جان فول سارتر كان وراء نزعة أدب الانحلال في علاقات الأفراد والجماعات، والذي أتى يوماً إلى مصر مع عشيقته واستقبل استقبال أبطال الفاتحين.
واليهودي جورج تسيهر كان وراء حركة الاستشراق التي استشرى فسادها، وعم ظلمها وظلامها.
واليهودي صمويل زويمر هو الذي خطط لحركات التبشير في ديار المسلمين، لا لمجرد إدخال المسلمين في النصرانية، بل لإخراجهم من الإسلام، وضرب الإسلام بالنصرانية، والنصرانية بالإسلام.
واليهودي ثيودور هرتزل هو الذي وضع البذرة الأولى في محنة العطش التي يسمونها أزمة الشرق الأوسط، عندما خطط ورسم معالم الدولة اليهودية في كتابه المسمى بهذا الاسم، تلك الدولة التي ولدت بعد مماته سفاحاً، فكانت بؤرة للإفساد في الأرض.
ولو أردنا أن نفيض في شرح وذكر صفات هؤلاء اليهود لطال الكلام جداً، كما قال الشاعر: قبائحهم لا تنقضي فنعدها وأقبح منها أن يروها فضائلا إذا زين الرحمن أعمالهم لهم فلا القول يهديهم إذا دمت قائلا فقصص خبث اليهود وعدائهم للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً، ومعلومة لمن يراجع سيرته صلى الله عليه وسلم.