[الترهيب من التعالم وادعاء العلم]
في هذا الواقع الذي نعيشه الآن نجد أن بعض العوام فرحين جداً بـ إسماعيل منصور -في نظرهم- الذي اكتشف بعبقريته المذهلة أن النقاب حرام، بينما العلماء يبكون أسفاً وحسرة على هذا الدين، وعلى غربة الإسلام بين أهله وفي وطنه، ويصدق ذلك قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (يظهر الإسلام حتى تختلف التجار في البحر، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله، ثم يظهر قوم يقرءون القرآن يقولون: من أقرأ منا؟ من أعلم منا؟ من أفقه منا؟ ثم قال لأصحابه: هل في أولئك من خير؟! قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه قام ليلة بمكة من الليل فقال: اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟ اللهم! هل بلغت؟ فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه -وكان نائماً- وسمعه وهو يقول هذا إشفاقاً -عليه الصلاة والسلام- وكان عمر أواهاً- أي: كثير البكاء والتضرع والدعاء -فقال: اللهم نعم، وحرضت وجاهدت ونصحت.
فقال صلى الله عليه وسلم: ليظهرن الإيمان حتى يرد الكفر إلى مواطنه، ولتخاضن البحار بالإسلام، وليأتين على الناس زمان يتعلمون فيه القرآن ويقرءونه ثم يقولون: قد قرأنا وعلمنا، فمن ذا الذي هو خير منا؟ فهل في أولئك من خير؟! قالوا: يا رسول الله! من أولئك؟ قال: أولئك منكم، وأولئك هم وقود النار).
فهذه هي الفتنة المعاصرة، يخب فيها كل خب، وإن تركنوا إليهم {مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} [التوبة:٤٧].
فما أحوجنا إلى الصدق، وإنا لنشهد ونقيم الشهادة لله تبارك وتعالى على أن كتاب هذا الإنسان لا يصنف أبداً في قوائم البحوث العلمية، ولا مكان له في درجاتها، ولا حتى في أحط دركاتها، كيف وقد قام على التمويه والكذب مما يأسى عليه الإنسان الكريم؟! وإذا عري الكتاب عن زخرف القول واللعب بالألفاظ فلن يكشف ذلك إلا عن ضحالة فكر وضلالة قلب، فليتق الله المسلم فيما يقول ويكتب، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (وهل يكب الناس في النار على مناخرهم أو على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم).
وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده).
فيا طالب الأخرى ويا مبتغي الهدى ليسعد عند الله في يوم يسأل لعمري لهذا الحق يعلو مناره عليك به إن الأباطيل تسفل وأستعير هنا عبارة ختم بها الشيخ أبو بكر جابر الجزائري حفظه الله كتابه (القول الكريم الغالي في الدفاع عن الداعية محمد الغزالي) حيث يقول في آخر كتابه: آه وآه ثم آه، وهل ينفع أهل آه ألف آه، إلى هنا كل القلم من شدة الألم، وضاقت النفس من قوة الرفس، فأرجو أن أكون أزحت الستار، وبينت العوار، ومن لم يستره الليل لا يستره النهار، ومن لم ير بالتوبة الجنة فسيرى بالأبصار النار، والأمر لله الواحد القهار.
نسأل الله أن يرزقنا هدياً قاصداً، وأن يجنبنا منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء.
سبحانك -اللهم- ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.