للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علامات المهدي المنتظر]

المهدي اسمه محمد بن عبد الله، هل هذه العلامة وحدها تكفي؟ لا تكفي، وإلا فكم من مدع ادعى أنه المهدي، وهو بالفعل اسمه محمد واسم أبيه عبد الله، وقد يأتي واحد اسمه أحمد بن إبراهيم ويدعي أنه المهدي، ويقول لهم: أحمد هو محمد وإبراهيم هو أبو النبي عليه الصلاة والسلام كما أن عبد الله أبوه، وهذا من باب التأويل.

ولو كان الذي ادعى أنه المهدي من أهل البيت فإنه لا يكفي أيضاً: وأرجو أن تحفظوا هذا الكلام الذي سأقوله في ذاكرتكم، فقد تحتاجونه في يوم من الأيام: كن في غاية الاطمئنان، ولا تجزع ولا تقلق على المهدي، فهو إذا خرج وكان بالفعل هو المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم فإن انتصاره أمر كوني قدري كائن كما وعد به الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تقطع بأن فلاناً هو المهدي حتى تتحقق كل الصفات التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، وأشهرها وأعظمها أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، فبعدما يمكن له، وبعدما يملأ الأرض قسطاً وعدلاً اطمئن، وحينئذ نقول: هذا هو المهدي، بجانب الصفات الأخرى، أما قبل ذلك فاسكت، ولا تظن أنك قد خذلت المهدي، اطمئن على نفسك، ولا تخف عليه؛ فإن المهدي غير محتاج إليك.

بعض الناس يستعجل ويقول: لماذا لا أكون من أوائل من ينصرون المهدي؟! وهذا هو الذي حصل في كل فتنة بنيةٍ صالحة وبعزم أكيد على التضحية في سبيل الدين، نجد أناساً يتسارعون إلى من يظنونه المهدي عن طريق الرؤى والمنامات ووجود بعض العلامات لا كل العلامات.

قرأت في كتاب (حيلة الأولياء) هذه العبارة الرائعة عن حفص بن عياث قال: قلت لـ سفيان الثوري رحمه الله: يا أبا عبد الله! إن الناس قد أكثروا في المهدي فما تقول فيه؟ فقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: إن مر على بابك فلا تكن منه في شيء حتى يجتمع الناس عليه.

وهذه النصيحة الذهبية أرجو ألا تنسوها أبداً، إن مر على بابك لا تكن منه في شيء حتى يجتمع الناس عليه حتى يجتمع عليه العلماء والصالحون وعموم المسلمين، حينئذ تقول: هذا المهدي، قبل ذلك لا تجزع على نفسك، فهذا هو مفتاح السلامة والنجاة بالنسبة لهذه الفتنة بالذات، وإذا راجعت موضوع ادعاء خروج المهدي لوجدت عدم الاكتراث بهذه القاعدة التي أرساها سفيان الثوري كان السبب الرئيس في استفحال الفتن وإراقة الدماء، وما حصل من الفساد العظيم في الأرض.

والقاعدة الرصينة: أن الشيطان يضل الإنسان على قدر بعده عن العلم، لكن كلما زادت بصيرته وزاد علمه كلما احتمى بهذا العلم من تلك الفتن، ولو كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرّفنا بالرؤيا الباطلة إذا اشتبهت الأمور.