ذكر الشنقيطي رحمه الله تعالى قضية الوعد بالمعروف: هل يلزم الوفاء بالوعد المالي؟ وهل يجب عليك فعلاً أن تفي به؟ يقول: الذي يظهر لي في هذه المسألة -والله تعالى أعلم- أن إخلاف الوعد لا يجوز؛ لكونه من علامات المنافقين، ولأن الله سبحانه وتعالى يقول:{كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف:٣]، وظاهر عمومه يشمل إخلاف الوعد، ولكن الواعد إذا امتنع عن إنجاز الوعد لا يحكم عليه به، ولا يلزم به قهراً يعني: يجب عليه أن يفي بالوعد ديانة لا قضاءً، أي: يؤمر به لكن لا يلزم به، ولا يجبر عليه.
قال: بل يؤمر به ولا يجبر عليه؛ لأن أكثر علماء الأمة على أنه لا يجبر على الوفاء به، لأنه وعد بمعروف محض، والعلم عند الله تعالى.
يعني: لو قال لك: أنا سأهبك مالاً بعد شهرين، ثم مر الشهران ولم يف لك بهذا، فإذا ذهبت به إلى القاضي الشرعي وتحاكمت إليه، فماذا يملك القاضي؟ مذهب جمهور العلماء وعامة العلماء أن للقاضي أن يحرضه على الوفاء، ويقول له: قال الله كذا، وقال الرسول كذا، والمسلم عليه أن يفي بالوعد، لكن لا يلزمه قهراً؛ لأن هذا الوعد معروف محض، أراد أن يفعله ثم رجع عنه، فيؤمر به ولا يجبر عليه، ولا يلزم به من حيث القضاء الشرعي؛ لأنه وعد بمعروف محض، وقد اختلف العلماء في حكم الوعد بالمعروف، وهل يلزم به الشخص قضاءً وحكماً أم لا؟ ونحن قلنا: إنه يلزم به ديانة، وسنناقش هل يلزم به قضاءً؟ بمعنى: هل يلزم به من حيث الحكم، ويجبر عليه أم لا؟