فرع آخر من فروع علم الحديث: أحاديث الأحكام، كما أن في القرآن آيات الأحكام فهناك كتب متخصصة ألفت في آيات الأحكام، كذلك في السنة هناك أحاديث الأحكام، وهي التي يمكن أن نعبر عنها بفقه الحديث أو فقه السنة؛ لأن البعض يقرأ ويحصل عندهم خلط، فبعض الإخوة إذا قلت له: ماذا تدرس في الفقه؟ يقول لك مثلاً: أدرس سبل السلام أو غيره من كتب أحاديث الأحكام، وأحسن منها دلالة فقه السنة، لكن الذي يحصل في أحاديث الأحكام هو أن الأئمة العلماء يجمعون أمهات الأدلة في المسائل الفقهية المشهورة في طريقة أبواب، ثم يشرحها عالم آخر أو هو نفسه، فهذا الفقه مقيد بفقه السنة مثل آيات الأحكام، فأنت إذا درست آيات الأحكام لا تكون قد ألممت بالفقه كله، وإنما ألممت فقط بالآيات التي تتعلق بالأحكام، كذلك أحاديث الأحكام هناك فرق بين دراسة الفقه، وبين دراسة فقه الحديث أو فقه السنة أو أحاديث الأحكام، فهذا خاص، أما الفقه ككل فهو لا يحتوي فقط على الأحكام من القرآن والأحكام من السنة، إنما يحتوي أيضاً جملة أخرى من الأدلة، سواء كانت أدلة متفق عليها أو أدلة مختلف فيها، هناك قياس، هناك الإجماع، هناك قول الصحابي، سد الذرائع، المصالح المرسلة، شرع من قبلنا وغير ذلك من الأدلة حسب الاختلاف في المذاهب في بعض هذه الأدلة من القرآن أو المذكورة أخيراً.
إذاً: الفقه أوسع وأعم من فقه الحديث، أو فقه القرآن، أو آيات الأحكام، أو أحاديث الأحكام، ومن القصور: أن يقتصر في دراسة الفقه فقط على القضايا التي وردت فيها أدلة من القرآن أو أدلة من السنة ولا شك أن هذه أمهات المسائل، والأصول هي: القرآن والسنة، لكن علم الفقه يشمل أوسع من ذلك، يشمل اجتهادات الفقهاء، وحكايات الخلاف والتفريق إلخ.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.