أما عبودية صالحي الجن، فمعلوم أن الجن مكلفين بالشرائع كالإنس، كما قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦]، ويقول تعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن:١٣] أي: الجن والإنس، وقال عز وجل حاكياً عن الجن:{وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً}[الجن:١١].
وأيضاً فيهم الموحدون، كما قال عز وجل عنهم:{وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً * {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً}[الجن:٢ - ٣].
وأيضاً يقول عليه الصلاة والسلام للمؤذن:(فارفع صوتك بالنداء، فإنه لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة).
ويقول تبارك وتعالى:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ}[الأحقاف:٢٩]، قال عليه الصلاة والسلام:(فكانوا أحسن مردوداً منكم؛ كنت كلما أتيت على قوله تعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}[الرحمن:١٣] قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد)، رواه الترمذي.
وكذلك الجن يعرفون أنه لا يعلم الغيب إلا الله، كما قال تعالى حاكياً عنهم:{وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً}[الجن:١٠]، ويقول أيضاً:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ}[سبأ:١٤].