للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أوصاف الجنة]

الجنة هي دار نعيم كامل لا يشوبه نقص، ولا يعكر صفوه كدر، يقول سبحانه وتعالى: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:١٧].

ويقول صلى الله عليه وسلم: (موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها).

ويقول سبحانه وتعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران:١٨٥] هذا هو الفوز العظيم والفوز المبين.

ويقول عز وجل: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر:٧٣]، ويقول عليه الصلاة والسلام: (يخلص المؤمنون من النار -بعدما يمرون على الصراط- فيحبسون على قنطرة بين الجنة وبين النار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده! لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة منه لمنزله كان في الدنيا) رواه البخاري.

يعني إذا دخل أهل الجنة الجنة يسرع كل منهم إلى مكانه في الجنة ويعرفه أعظم مما كان يعرف بلده بعد أن يرجع من السفر في الدنيا، وهذا يدخل في قوله تعالى: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:٤٣]، ويدخل في قوله: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد:٦] على أحد التفسيرين لقوله: ((عَرَّفَهَا) قيل: هي هذه الهداية، وقيل: هي من العرف، وهو الرائحة الطيبة.

ويقول صلى الله عليه وسلم: (أستفتح باب الجنة فيقال لي: من؟ فأقول: محمد، فيقال: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك) صلى الله عليه وآله وسلم.

ويقول عليه الصلاة والسلام: (أنا أول من يقرع باب الجنة).

ويقول صلى الله عليه وسلم: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة) يعني: نحن آخر الأمم ونحن أول الأمم دخولاً الجنة.

وقال عليه الصلاة والسلام لـ أبي بكر رضي الله عنه: (يا أبا بكر! إنك أول من يدخل الجنة من أمتي) أي: بعد الأنبياء.

ويقول صلى الله عليه وسلم: (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، وأمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك -أي: عرقهم-، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن) الإنسان لو تصور أنه يرى النخاع الذي داخل العظام من وراء البشرة ربما استقبح هذا الأمر، فيريد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يوجه نظرنا إلى أن هذا يكون من غاية الحسن فقال: (يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن) يعني: من الجمال البارع الذي عليه الحور العين.

يقول عليه الصلاة والسلام: (لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشياً) فاللهم اجعلنا منها! ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء إلى الجنة بأربعين خريفاً)، حتى الأغنياء الذين سيدخلون الجنة لا يدخلون مع الفقراء؛ لأنهم يحبسون حتى يحاسبوا، فالمدة الزمنية بين دخول الفقراء والأغنياء الجنة أربعون خريفاً، فما أعظم السلامة التي لا يعدلها شيء.

ويقول صلى الله عليه وسلم: (أول ثلاثة يدخلون الجنة: شهيد، وعتيق متعفف، وعبد أحسن عبادة ربه ونصح مواليه).

ويقول عليه الصلاة والسلام: (يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة يسمون الجهنميين).

وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يخرج من النار من كان يقول: لا إله إلا الله، فتعرفهم الملائكة)، كيف تعرف الملائكة الذين كانوا يقولون: لا إله إلا الله؟ تعرفهم الملائكة بأثر السجود؛ لأنه لا يتصور أن يقول المرء: لا إله إلا الله ويكون تاركاً للصلاة، وفي الأثر: (لا خير في دين لا ركوع فيه).

وفي الحديث: (يخرج من النار من كان يقول: لا إله إلا الله، تعرفهم الملائكة) أي: تبحث في داخل النار عن أثر السجود في الوجه، وليس أثر السجود هو هذه العلامة التي قد تظهر بين عيني من هو أقسى قلباً من فرعون كما قال بعض السلف؛ لكن المقصود سمت الخشوع والتواضع الذي يكون في وجوه أهل الصلاة وأهل التوحيد.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرج من النار من يقول: لا إله إلا الله فتعرفهم الملائكة بأثر السجود، تأتيهم الملائكة وقد امتحشوا -تفحموا من النار-، ثم يصب عليهم ماء الحياة؛ فينبتون كما تنبت الحبة حميل السيل، ويدخلون الجنة).

وهل يوجد ناس دخلوا الجنة قبل يوم القيامة؟ نعم، دخل الجنة آدم كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى في القرآن، ودخل الجنة الفقراء كما في الحديث: (اطلعت في الجنة فرأيت أهلها الفقراء)، ودخل الجنة الشهداء: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩]، ومن مات عرض عليه مقعده من الجنة ومقعده من النار بالغداة والعشي.