إذا لم يكن مع الرجل في بيته إلا امرأته، فإن الأظهر أنه لا يجب عليه أن يستأذن عليها، وإنما يستحب للرجل إشعار زوجته بدخوله، وذلك بأي طريقة، كأن يتنحنح أو ينادي، والسلام هو الأولى وهو المطلوب، لكن يجوز ما ذكرنا، فإذا لم يكن مع الرجل في بيته إلا امرأته فإن الأظهر أنه لا يجب عليه أن يستأذن عليها؛ لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}[النور:٢٧]، وقد قلنا سابقاً: إن بيت الرجل هو البيت الذي هو فيه وحده، أو الذي فيه الزوجة أو الأمة؛ لأنه لا حشمة بين الرجل وامرأته، ويجوز بينهما من الأحوال والملابسات ما لا يجوز لأحد غيرهما، ولو كان أباً أو أماً أو ابناً كما لا يخفى.
ويدل لهذا قول موسى بن طلحة بن عبيد الله: دخلت مع أبي على أمي، فدخل فاتبعته، فدفع في صدري حتى أقعدني على استي، ثم قال: أتدخل بغير إذن؟! فنرى هنا أن طلحة -وهو زوجها- قد دخل بغير إذن.
وعن ابن جريج قال: قلت لـ عطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا.
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به؛ لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحب أن يراها عليها.
وأيضاً: فإنه قد يروعها، فلو كانت المرأة لوحدها ليلاً في البيت فيدخل عليها زوجها بدون استئذان فقد يروعها ويخيفها، وينتج عن ذلك ما لا يحمد عقباه، فالمفروض عليه الاستئذان حتى لا يروعها، فيندب ويستحب للرجل إيذان أهله بدخوله بنحو التنحنح وطرق النعل ونحو ذلك؛ لأنها ربما كانت على حالة لا تريد أن يراها زوجها عليها، قالت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق؛ كراهة أن يهجم منا على أمر يكرهه.
وقال أبو عبيدة: كان عبد الله -يعني: ابن مسعود - إذا دخل الدار استأنس.
يعني: تكلم ورفع صوته كي يشعروا بدخوله، قال الإمام ابن مفلح رحمه الله تعالى: ويستحب أن يحرك نعله في استئذانه عند دخوله حتى إلى بيته، قال أحمد: إذا دخل على أهله يتنحنح، وقال مهنا: سألت أحمد عن الرجل يدخل إلى منزله ينبغي له أن يستأذن؟ قال: يحرك نعله إذا دخل، وقال الميموني أنه سأل أبا عبد الله: يستأذن الرجل على أهله -يعني: زوجته-؟ قال: ما أكره ذلك، إن استأذن ما يضره؟ قلت: زوجته وهو يراها في جميع حالاتها؟ فسكت عني.
فهذه نصوص أحمد رحمه الله تعالى لم يستحب فيها الاستئذان على زوجته وقوله: أأدخل؟ لأنه بيته ومنزله، واستحب -إذا دخل- النحنحة، أو تحريك النعل؛ لئلا يراها على حالة لا يعجبها ولا تعجبه.
ويقول الداخل إلى بيته ما ورد من الأذكار عند دخوله.