ونحن في هذا البحث -إن شاء الله تعالى- سوف نناقش موضوعين: الموضوع الأول: بعض المقدمات البسيطة التي تتعلق بالبدع؛ لأنه لا بد منها قبل تمهيداً للموضوع الأساسي.
أما الموضوع الأساسي فهو ضوابط التبديع؛ لأنه يحصل خلط في هذا الباب تماماً، كما يحصل خلط نتيجة عدم إحكام ضوابط التكفير في قضايا التكفير، فهناك ضوابط للتكفير، وكذلك التبديع له ضوابط لابد من أن نلم بها حتى لا يحصل شطط وخروج عن القصد.
فنبدأ أولاً بتعريف البدعة.
البدعة من الناحية اللغوية أصل مادتها: بدع، و (بدع) يعبر بها عن الاختراع على غير مثال سابق، اختراع أي شيء بحيث لم يكن قد سبق له نظير، أي: ليس محاكاة لشيء وجد قبله، لكنه شيء يوجد لأول مرة، فيسمى بدعة، فمادة (بدع) تدل على اختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تبارك وتعالى:{بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}[البقرة:١١٧] يعني: خالقهما على غير مثال سابق لهما.
ومنه قوله تعالى:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف:٩] أي: لست أول من جاء بالرسالة من الله إلى العباد، بل تقدمني كثير من الرسل، فلست بدعاً من الرسل.
ويقال: ابتدع فلان بدعة أي: اخترع طريقة لم يسبقه إليها أحد.
وتقول: هذا شيء بديع أو: هذا أمر بديع إذا كنت تستحسنه وتريد أن تقول: إنه لا مثال له في الحسن.
فكأنه لم يتقدمه ما هو مثله أو ما يشبهه.
أما البدعة بالمعنى الشرعي فهي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه وتعالى.