أيضاً من منكرات التمثيل أن فيه أذية للمسلمين وتتبع عوراتهم ونشرها بين الناس بالمحاكاة، قال الله عز وجل:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب:٥٨]، وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما:(صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع) أي: مرتفع عال (فقال: يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه! لا تؤذوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته) فلا شك أن تمثيل المسلمين بهذه الصورة هو من هتك حرمة المسلمين، ففاعله ممن لم يدخل الإيمان في قلبه كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وإذا كان الشخص الممثل به من سلف الأمة من الخلفاء والملوك والعلماء والصلحاء ففي التمثيل بهم مساس بحرمتهم، ومخالفة للشريعة الآمرة بالثناء على موتى المسلمين والكف عن مساوئهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء) والمقصود: لا تسبوا الأموات الذين ليسوا بكفار ولا فجار بعد موتهم، ولا يدخل فيه الجرح والتعديل، وحكاية أقوال الناس وأفعال الناس الذين طعنوا في دين الله وصدوا عن سبيل الله بقصد هدم أفكارهم المضادة لدين الإسلام، فالمقصود (لا تسبوا الأموات) الذين ليسوا كفاراً ولا فجاراً يصدون عن سبيل الله ويحاربون دين الإسلام (فتؤذوا الأحياء).
ومن هذا الحديث أخذ بعض الفقهاء أن من سوء الأدب أن الإنسان يتكلم في حق أبوي الرسول صلى الله عليه وسلم، ويطيل في ذكر أن والديه صلى الله عليه وسلم كانا مشركين، فمن الأدب عدم إكثار الخوض في مثل هذه القضية؛ لأن هذا مما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم:(اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساوئهم) وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا الأموات؛ فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) فهذا في أي ميت، حتى لو كان مسلماً فاسقاً أو عاصياً أو مفرطاً، فأي ميت له هذه الحرمة في الإسلام، فكيف بأموات السلف الصالح رضي الله عنهم، سيما العلماء والصالحون منهم الذين أمرنا بتعظيمهم واحترامهم والدعاء لهم، وقد قال تعالى:{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}[الحشر:١٠].