بيع المرابحة بصورته القديمة جائز بلا خلاف عند أهل العلم، كما ذكر ذلك الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى في المغني، وحكى الوزير ابن هبيرة رحمه الله تعالى الإجماع على إباحتها، وكذا الكاساني، وما زال الناس يتوارثون العمل بهذه المرابحة بأسواقهم من غير نكير، والقاعدة في المعاملات الشرعية هي: أن الأصل في المعاملات الجواز والحل حتى يقوم على المنع دليل، عكس القاعدة في العبادات.
وقد قال بعض العلماء: بيع المرابحة مكروه كراهة تنزيه؛ لأن فيه جهالة، ما سر هذه الجهالة؟ قالوا: إذا قال له مثلاً: بعته لك برأس المال مائة جنيه وربح جنيه زيادة في كل عشرة، فهذه جهالة تؤثر في العقد، والصواب أن هذه ليست جهالة، والمشتري يحتاج إلى الحساب ليعلم مقدار الربح، والجهالة هنا مرتفعة؛ لأنه يمكنه معرفة الحساب بسهولة، ومثل هذا لا يوصف بأنه جهالة، وهذا ليس فيه تغرير ولا مخاطرة.
إذاً: هناك اشتراك لفظي بين بيع المرابحة عند السابقين وبين بيع المرابحة للآمر بالشراء في صورته الحادثة التي تتعامل بها المصارف المسماة بالإسلامية، فإذا اشتركا باسم المرابحة فهل يشتركان في حكم الجواز؟ بيع المرابحة القديم هو بيع من أنواع بيوع الأمان أو الأمانة، وهو البيع بأزيد من رأس المال، وركن هذا العقد هو علم المتعاقدين بالثمن وبرأس المال، هذا هو بيع المرابحة عند السلف، ومن الغش والخيانة أن بعض الناس تكلم عن بيع المرابحة المعاصر ونقل نصوص العلماء السابقين عن بيع المرابحة على أنه المصطلح المتعامل به في البنوك الآن، ونقل الأدلة على إباحته بنصوص العلماء السابقين في بيع المرابحة الذي هو أحد بيوع الأمان أو الأمانة! فإن كان عامداً فهي خيانة، وإن كان جاهلاً فيغفر الله سبحانه وتعالى لمن قال بذلك.
إذاً: الاشتراك في اللفظ لا يلزم منه الاشتراك في الحكم.