قال ابن العلاء السعدي: كانت لي ابنة عم يقال لها: بريرة، تعبدت، وكانت كثيرة القراءة في المصحف، فكلما أتت على آية فيها ذكر النار بكت، فلم تزل تبكي حتى ذهبت عيناها من البكاء، فقال بنو عمها: انطلقوا بنا إلى هذه المرأة حتى نعذلها- أي: نلومها- في كثرة بكائها، قال: فدخلنا عليها فقلنا: يا بريرة! كيف أصبحت؟ قالت: أصبحنا أضيافاً منيخين بأرض غربة، ننتظر متى ندعى فنجيب، فقلنا لها: كم هذا البكاء! قد ذهبت عيناك منه.
قالت: إن يكن لعينيّ عند الله خير فما يضرهما ما ذهب منهما في الدنيا، وإن كان لهما عند الله شر فسيزيدهما بكاء أطول من هذا، ثم أعرضت، فقال القوم: قوموا بنا، فهي -والله- في شيء غير ما نحن فيه!