لابد من معرفة مراتب الأعمال، فهناك أعمال لها مراتب، فهناك فاضل، وهناك مفضول هناك فرض، وهناك نفل، فمن التضييع والخسران أن الإنسان يشتغل بالعمل المفضول عما هو أفضل منه من الأعمال الصالحة، فهذا يحتاج لفقه دقيق في تحديد وظيفة الوقت.
يقول الله عز وجل:{فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ}[الزمر:١٧ - ١٨]، كلمة:(أحسنه) إشارة إلى هذا المعنى، وهو تقديم الفاضل على المفضول من الأعمال.
يقول بعضهم: وإذا طلبت العلم فاعلم أنه حمل فأبصر أي شيء تحملُ وإذا علمت بأنه متفاضل فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل ومما ورد في السنة من بيان قيمة الوقت وخطورته حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: (صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر، فسلم ثم قام مسرعاً يتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته؛ فقال: ذكرت شيئاً من تبر عندنا -أي: قطع من الذهب من مال الصدقة- فكرهت أن يحبسني فأمر بقسمته)، يعني: خشيت أن يشغلني الفكر فيه عن الإقبال على الله عز وجل، فانظر كيف تعجل النبي صلى الله عليه وسلم إبراء ذمته من هذا المال؟! وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عند رأسه)، وهذه أيضاً مبادرة، خشية حضور الأجل، وانقطاع العمر.