بالرغم من الحشد الذي التف حول شعار القشر واللباب فحتى الآن لا نجد ترجمة واضحة، ما هو القشر بالضبط؟ وما هو اللب بالضبط؟ ولم نجد تحديداً واضحاً للقشر واللب أو معناه، ورغم كثرة من ينادون بقضية القشر واللب وإلحاحهم عليها، وتأكيدهم على هذه القسمة، وإكثارهم من الحديث عنها، لكنهم لم يضعوا تعريفاً أو حدّاً لما أسموه قشراً أو لُباباً، بحيث ينتهي إليه الحد ويفهمه من أراد أن يعمل باللب ويهجر القشر، فلو جاء أحد وسألهم: ما هو القشر حتى أهجره وأستفيد من كلامكم؟ وما هو اللب حتى أعلمه وأتمسك به؟ فلن يجد عندهم جواباً ولا تحديداً ولا تعريفاً؛ وما ذاك إلا لأنها بدعة محدثة لم يعرفها السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم ولا من تبعهم بإحسان، وإنما هي نتاج أفكار المنهزمين المستعبدين للشرق أو للغرب، ونحن نحاول أن نضع حداً تقريبياً أو تعريفاً تقريبياً لهذين القسمين، فنقول: أولاً: تعريف القشر واللباب في جانب المأمورات الشرعية: فاللباب هو كل ما تحت حكم الواجب، والقشر هو ما خرج عن الحكم الواجب.
ثانياً: تعريف اللباب والقشر في جانب المنهيات الشرعية، اللباب هو ما يدخل تحت الحرام، والقشر هو ما لم يتناوله الحرام الصريح في المعاصي.
وعلى ذلك إذا قبلنا هذا التعريف التقريبي أو حاولنا أن نجتهد ونخترع له تعريفاً تقريبياً، فيكون اللب في الأوامر هو ما يدخل تحت الواجب، واللب في النواهي هو ما يدخل تحت الحرام، والقشر في الأوامر هو ما يدخل تحت المندوب والمباح، والقشر في النواهي هو ما يدخل تحت المكروه.
وبناء عليه يجتمع لدينا من القشور ما يزيد على نصف الدين، فيصبح نصف ديننا قشوراً، وهو المكروه والمستحب والمباح، ويبقى من لبابه أقل من النصف، فهل يعقل أن ندع أكثر من نصف الدين بحجة أنه قشور ونأخذ أقل من نصفه بحجة أنه لباب؟! ثم هناك مسائل مختلف فيها، هل هي من الواجبات أو من المستحبات؟ فمثلاً: صلاة الوتر فيها خلاف بين العلماء، بغضّ النظر عن تحقيق الكلام في هذه القضية، لكن هناك مسائل كثيرة جداً مختلف فيها هل تدخل في اللب أم تدخل في القشر؟ وأيضاً ليس هناك شيء من اللباب أو من القشور إلا وهو داخل تحت حكم الله وتحت خطاب الله عز وجل المتعلق بأفعال المكلفين، وهو الخطاب التكليفي، سواء على سبيل التخيير أو الطلب، والطلب إما طلب فعل أو طلب كف، وطلب الفعل إما طلب فعل لازم أو غير لازم، وطلب الكف إما طلب كف لازم وإما غير لازم.
فهذا كله يدخل تحت الحكم التكليفي الذي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، وبالتالي لا يصح تسميته قشراً على سبيل الاصطلاح الذي افترضناه، لا على سبيل التهوين من شأنه، فلو قلبت الأمر من هذه الجهة أو تلك الجهة، وحتى لو أردت التهوين من أمره فإنه يبقى تحت حكم الله المتعلق بأفعال المكلفين.
كذلك إذا أردت أن تقول: المقصود باللب هو الواجب والحرام، وما عدا ذلك فهو قشر، فهذا أيضاً لا يستقيم مع تعريفنا للأحكام الشرعية التكليفية التي هي خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على سبيل الطلب أو التخيير تركاً أو فعلاً.