التوازن: هو حالة من النسبية يتحقق به الوضع الأمثل.
وقد يكون في التوازن تكافؤ تام مثل كّفتي الميزان، والتوازن في كفتي الميزان يعني: أن ما في هذه الكفة يساوي ما في الكفة الأخرى، فهذا تكافؤ تام، وفي غير التكافؤ التام يكون هناك تناسب، وبوجود هذه النسب والمحافظة عليها يصلح شأن الخلق.
فمثلاً: عدد الرجال والنساء ينشأ بينهما نسبة فيها نوع من التوازن، بحيث يكاد يكون عدد الرجال موازياً ومساوياً لعدد النساء، وقد تُكسر هذه القاعدة نادراً.
وأيضاً: نسبة السكر في الدم، مثلاً: النسبة بين كريات الدم البيضاء والحمراء، فقد تكون البيضاء مثلاً: ٦٠٠٠ في المللي جرام، والحمراء مثلاً تكون ٨٠٠٠٠٠٠، فهذه النسبة بينهما ليس فيها تكافؤ تام، وبمثل هذا التوازن يكون السائل الحيوي في حالته المثلى، فكل شيء في العالم مقدّر بقدر وبميزان مضبوط ومحكم بما في ذلك النسل، سواء الذكور أو الإناث.
أيضاً في حالة الاقتصاد هناك توازن بين الموارد والطاقات، وهناك توازن بين المواد الغذائية وكمية الماء وبين البشر، أما مصدر هذا التوازن فهو أن الله لا يغفل -تعالى الله عن ذلك- عن تدبير أمر عباده وضمان الرزق لهم، وفي القرآن الكريم آية صريحة وواضحة في سورة الحجر، قال تعالى:{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ}[الحجر:١٩] فهذا هو معنى التوازن الموجود، ثم إن المشاهدة العلمية المستمرة أيضاً تؤكد ذلك.
ومن ضوابط هذا الخلق: الوفرة، ومعناها: أن ما في الأرض من الأمور الطيبة والموارد الجافة أو السائلة أو الطاقات يتواجد بكثرة تزيد على حاجة الإنسان.
فقانون الوفرة عندنا يعارض قانون الندرة عند الغربيين، فيجب التفريق بين الاتجاهين، فالندرة قد تقع، لكن يكون لها أسباب وتكون عبارة عن ظاهرة طارئة وليست هي الأصل، فمثلاً: الأحياء المائية في البحار والمحيطات هل يشك أحد أنها تفوق حاجة الإنسان في أي وقت؟! لا، فهي تفوق حاجة الإنسان في أي وقت، ومع ذلك تقل الأسماك في بعض الأوقات وتختفي، فتتذبذب الأسعار وترتفع حتى ترهق الناس، فالندرة تقع، لكن بأسباب، وإلا فالأصل أن الأرزاق موجودة بحيث تكفي احتياجات الخلق.
هذا ما تيسر من تناول بعض ما يتعلق بالرزق، وارتباط موضوع تحديد النسل بقضية الرزق، والإنسان لا بد أن يكون عنده يقين أن الذي خلق هو الذي يرزق، وأنه لا أحد يرزق سوى الله تبارك وتعالى، وأن الله كما يخلق فلا يمكن أبداً أن يترك خلقه هملاً، إذ إن الذي خلق الأفواه هو الذي يخلق لها الطعام، وليس على الإنسان إلا أن يسعى ويأخذ بالأسباب، فييسر الله له الرزق، ومع ذلك نؤمن إيماناً جازماً أن رزق الله لا يجلبه حرص حريص ولا يردّه كراهية كاره، فكل ما كُتب للإنسان فإنه سوف يناله، وإنما التوكل يكون مع الأخذ بالأسباب، لكن الرازق الحقيقي هو الله كما قال عليه الصلاة والسلام:(لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.