هذه النظرية كما صاغتها الجمعية التأسيسية بعد الثورة الفرنسية لها جانبان: أحدهما سلبي، والآخر إيجابي.
الجانب السلبي يتمثل في أمرين: الأمر الأول: أن الملك لم يعد هو صاحب الحق في السيادة كما كان مقرراً من قبل؛ لأنه كانت تتركز فيه وحدة سلطة الدولة، بل أصبحت الأمة هي صاحبة السيادة باعتبارها العنصر الحقيقي المكون للدولة.
الأمر الثاني: أن السيادة لا تعتمد على أي سلطة أخرى، ويقصد بذلك التأكيد على أن إرادة الأمة مطلقة، يعني: لا تعتمد على أي إرادة أخرى.
أما الجانب الإيجابي لهذه النظرية في تلك المرحلة فهو يشتمل على سلطات ثلاث: الانتخاب، والتشريع، والتنفيذ.
سلطة الانتخاب وهي أولى السلطات، وذلك أن إرادة الأمة وسيادتها تقرر هذه السلطة، كما تقرر دائماً لغة الأدب السياسي، وتتمثل وظيفتها في أن يتم بطريق الاقتراع العام اختيار السلطة التشريعية.
أما اختصاصها: فهو التعبير عن إرادة مضمرة أو مادة خام لم تتضح بعد، ولهذا يعهد بها إلى جمهور الناخبين، وهم على الجملة غير مؤهلين للعمل الذي يحتاج إلى دراسة وتفكير، وأيضاً الانتخاب في ظل نظرية سيادة الأمة هو وظيفة وليس حقاً، وهذا مبني على أن السيادة لا تتجزأ، ولذلك الانتخاب وظيفة وليس حقاً يسوغ تقييده بما تقيد به الوظائف العامة من الشروط والقيود.
أما سلطة التشريع: فهي آكد مظاهر السيادة وأبرز علاماتها، وتختص بتوضيح الإرادات المضمرة الناشئة عن الانتخاب لتستخلص منها -من خلال المداولات- تمثيلاً أكثر وضوحاً من الإرادة العامة، فهذه السلطة في التشريع سلطة مطلقة لا تحدها حدود، ولا تقيدها قيود، ولا تلتزم بالتصرف على نحو معين إلا إذا أرادت هي ذلك.
أما السلطة الثالثة فهي سلطة التنفيذ، ووظيفتها تتلخص في الحكم والإدارة، فالحكم الذي يتمثل في ابتكار الحلول الملائمة للمشكلات التي تطرأ على المستويين الدولي والداخلي، والإدارة التي تتمثل في العمل على ضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد.