ذكر الخطابي والبيهقي في سبب بوله صلى الله عليه وآله وسلم قائماً أوجهاً: الوجه الأول -وهو المروي عن الإمام الشافعي رحمه الله-: أن العرب كانت تستشفي بالبول قائماً لوجع الصلب، فكان به صلى الله عليه وسلم إذ ذاك وجع الصلب.
قال القاضي حسين في تعليقته: وصار هذا عادة لأهل هراة، يبولون قياماً في كل سنة مرة إحياءً لتلك السنة.
وهذا كلام لا ينسب إلى الشريعة، وإنما ينسب إلى تصور أهل الدنيا في علوم الدنيا من الناحية الطبية، وربما يكون فيها شيء من الصحة، فهذا يرجع إلى العلوم التي كانت قاصرة فيما مضى، أو ربما كانت أساساً تقوم على التجريب، ولأجل ذلك نحن قد لا نقبل هذا التأويل في هذا الزمان.
الوجه الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم بال قائماً لعلة كانت بمأبضيه، وذكرنا أن هذه الزيادة رواها البيهقي، ولكنه ضعفها وقال: لا تثبت هذه الزيادة.
والمأبض يجوز فيه تخفيف الهمزة فتقول: مابض أو مأبض كما تقول: الراس أو الرأس، لما مات العباس رضي الله عنه استحيا الناس أن يعزوا ابنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فتشجع رجل وأقبل عليه وقال: اصبر نكن بك صابرين وإنما صبر الرعية عند صبر الراس خير من العباس صبرك بعده والله خير منك للعباس والشاهد أنه قال: (الراس)، فهذه الكلمة يصح فيها تخفيف الهمزة.
الوجه الثالث: أنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فاحتاج إلى القيام إذا كان الطرف الذي يليه عالياً مرتفعاً.
الوجه الرابع: أنه لبيان الجواز كما ذكرنا.
الوجه الخامس ما قاله الخطابي: لكون ذلك -أي: البول حال القيام في السباطة- في الغالب سهلاً ليناً ليس صلباً بحيث يتردد إليه الرشاش، وإنما يتسرب فيه البول ولا يرجع على البائل.