ذكرنا أن أحسن منهج في موضوع المهدي هو ما علمنا الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى بقوله: إذا مر ببابك فلا تكن منه في شيء حتى يجتمع عليه الناس ولن يضيرك ذلك، أنت مسئول عن التصديق بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنت مسئول عن التصديق بالأحاديث الصحيحة التي تخبر بحقيقة المهدي، لكن لن تحاسب أبداً إذا احتطت لدينك احتياطاً واجباً، بأن تمسك لسانك وتمسك يدك عن الخوض في أي فتنة من هذه الفتن، والإنسان يدعو إلى الله، ويدعو إلى الكتاب والسنة، فهذا خير.
والشيطان قد يلبس حتى على الرجل الصالح لكي يخدع به الناس وتحصل فتن كما حصلت من قبل، فينبغي الانتباه لذلك، ولذلك قال بعض السلف: إن الشيطان إذا أراد أن يضل عبداً ويضل به الناس ألقى عليه الخشوع والبكاء والرقة وغير ذلك مما يجذب الناس إليه، فينبغي أن نحذر من تلبيس إبليس، ونقفل هذه الأبواب التي تفتح أبواب الفتن، وعندنا من الفتن ما يكفي.
أخي في الله! انظر ما يلزمك به الشرع في الواقع الذي تعيشه، وافعل الواجب في كل حالة، التزم بذلك واعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى إلى أن تلقى الله، حتى لو قالوا لك: خرج المهدي.
وإذا خرج المهدي ولم يجتمع عليه المسلمون، فاعتبر أنك لست منهم في ذلك إلى أن يجتمع عليه المسلمون، فهذه علامة أنه المهدي الحقيقي، والمهدي الحقيقي سوف يؤيده الله سبحانه وتعالى بآيات صادقة، بخوارق للعادات كالخسف بالجيش الذي يقصده من تبوك أو من الشمال، فالله سبحانه وتعالى سوف يؤيده وسوف يؤازره، وإذا كان المهدي فسيتحقق فعلاً له التمكين، لا تقلق ولا تخف على المهدي، خف على نفسك، واحذر من تلاعب الشيطان بالناس في المنامات.
نحن رأينا الفتن التي حصلت من قبل بسبب موضوع المهدي، حتى وصل الأمر ببعض الناس أنهم يكذبون بحديث المهدي من باب المثل: الباب الذي يأتي منه الريح سده واستريح، يقول لك: إن الأحاديث التي في المهدي أتت بفتن كثيرة، فنحن نسد هذا الباب وننكر المهدي أصلاً، وهذا منهج منحرف أيضاً.
يقول الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: وأما اعتماد المنامات في إثبات كون فلان هو المهدي فهو مخالف للأدلة الشرعية ولإجماع أهل العلم والإيمان؛ لأن المرائي مهما كثرت لا يجوز الاعتماد عليها في خلاف ما ثبت به الشرع المطهر؛ لأن الله سبحانه وتعالى أكمل لنبينا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته الدين، وأتم عليهم النعمة قبل وفاته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز لأحد أن يعتمد شيئاً من الأحلام في مخالفة شرعه عليه الصلاة والسلام، ثم إن المهدي قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحكم بالشرع المطهر، فكيف يجوز له ولأتباعه انتهاك حرمة المسجد الحرام وحرمة المسلمين وحمل السلاح عليهم بغير حق؟!