[من وسائل علاج المحسود ذكر الله سبحانه وتعالى]
كذلك من الأدوية التي يعالج بها المحسود: ذكر الله سبحانه وتعالى، فعن الحارث بن الحارث الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أمر يحيى بن زكريا أن يأمر بني إسرائيل بخمس كلمات، ومنها قال: وآمركم بذكر الله كثيراً، ومثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعاً في أثره، فأتى على حصن حصين فأحرز نفسه فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى)، فذكر الله هو الحصن الحصين، وهو من أعظم الأدعية.
وكذلك هناك بعض الأذكار التي إذا حافظ الإنسان عليها -خاصة أذكار الصباح والمساء- كان في حصن حصين من هذه الشرور، فمنها -مثلاً- الحديث الذي رواه أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (إنه كان معه جرين تمر فكان يجده ينقص، فحرسه ليلة، فإذا مثل الغلام المحتلم، فسلم فرد عليه السلام، فقال: أجني أم إنسي؟ قال: بل جني، فقال: أرني يدك، قال: فأراه فإذا يد كلب، وشعر كلب، فقال: هكذا خلق الجن؟ فقال: لقد علمت الجن أنه ليس فيهم رجل أشد مني، قال: ما جاء بك؟ قال أنبئنا أنك تحب الصدقة فجئنا نصيب من طعامك، قال: ما يجيرنا منكم؟ قال: تقرأ آية الكرسي من سورة البقرة: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة:٢٥٥] إلى آخر الآية]).
وتقرأ هنا المقصود بها: تحفظ ثم قال: (هل أنت تحفظها؟ قال: نعم.
قال: إذا قرأتها غدوة أجرت منا حتى تمسي، وإذا قرأتها حين تمسي أجرت منا حتى تصبح، قال: أبي فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فقال: صدق الخبيث) هذا الحديث أخرجه الحاكم في فضائل القرآن، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي: أخرجه الطبراني ورجاله ثقات.
وقال المنذري: رواه النسائي والطبراني بإسناد جيد، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، ويشهد له حديث أبي هريرة المعروف في قراءة آية الكرسي قبل النوم في قصة مماثلة لهذه القصة في زكاة الفطر.
والمقصود: أن آية الكرسي ينبغي أن تضاف إلى أذكار الصباح والمساء لهذا الحديث.
كذلك من هذه الأحاديث النافعة، والأحراز التي تنجع في دفع هذه الشرور: حديث أبي عياش الزرقي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، كان له عدل عتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام، وكتب له عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح).
قال حماد: (فرأى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: يا رسول الله! إن ابن عياش يحدثنا عنك بكذا وكذا، قال: صدق أبو عياش) رواه أبو داود، وصححه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى.
وذكر موضوع الرؤيا هنا هذا نوع من الاستظهار، وليس استدلالاً بها، فإن الإجماع قائم على أن رؤيا المنام لا يعمل بها، لكن المقصود الاستظهار والاستئناس بها، وإلا فالحديث صحيح.
فعليك أن تقول في الصباح والمساء: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، زاد ابن السني: (يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) فإن من قالها كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل عليه السلام، وكتب له بها عشر حسنات، وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، فإن قالها إذا أمسى كان له مثل ذلك حتى يصبح.
كذلك من هذه الأذكار: حديث أبان بن عثمان قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لا يضره شيء).
في لفظ في السنن: (من قال: حين يصبح هذا الدعاء لم تصبه في يومه فجاءة بلاء، ومن قالها حين يمسي لم تصبه فجاءة بلاء في ليلته، ثم ابتلي أبان بالفالج -الشلل النصفي- فرأى رجلاً حدثه بهذا الحديث ينظر إليه، فقال له: ما لك تنظر إلي؟ فوالله! ما كذبت على عثمان، ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن نسيت في اليوم الذي أصابني هذا، فلم أقله؛ ليمضي الله قدره) فهذا حديث عثمان في فضيلة قول: باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات، فإنها تقال أيضاً في الصباح وفي المساء.
من هذه الأحاديث أيضاً: حديث عبد الله بن خبيب رضي الله عنه قال (خرجنا في ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا، فأدركناه، فقال: أصليتم؟ فلم أقل شيئاً، فقال: قل، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قل، فقلت: يا رسول الله ما أقول؟ قال: قل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء).
إذاً: هذا أيضاً من أذكار الصباح والمساء، وهذه كلها أحاديث صحيحة، فتقرأ المعوذات الثلاث، فكما روينا في فضيلة قراءة المعوذات ثلاث مرات حين تصبح وحين تمسي أنها تكفيك من كل شيء.
كذلك من هذه الأذكار: حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال وهو في أرض الروم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال غدوة: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات؛ كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، وكن له قدر عشر رقاب، وأجاره الله من الشيطان، ومن قالها عشية فمثل ذلك) يعني: من الأجر.
إذاً: من أذكار الصباح والمساء قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وعن خولة بنت حكيم رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أن أحدكم إذا نزل منزلاً فقال: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق، لم يضره في ذلك المنزل شيء حتى يرتحل منه) رواه مسلم.