يقول أحد الأساتذة في مقدمة محاضرة ألقاها الشيخ عن سيرة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: وفي العقائد كان الشيخ ابن باز مثالنا في ذلك، لا هو من أولئك المتطرفين الذين يطلقون عبارات الشرك على كل صغيرة وكبيرة، ولا هو من المتساهلين الذين يغضون النظر عن صغار الأمور، بل إنه لينبه عن الصغيرة والكبيرة، ويضع كل شيء في موضعه، والذين يعرفون الشيخ مثلنا عن كثب يدركون هذه الخاصة في أسلوبه، ومرد ذلك فيما نرى إلى سجيته السمحة التي تعامل حتى المخالفين بروح الطبيب الذي يعلم أن ثقة المريض به أول أسباب الشفاء.
وكان نشاط الشيخ يمتد إلى الأقاصي البعيدة من وطن الإسلام ومهاجر المسلمين، فمن خصائص شخصيته موضوع الاهتمام بأحوال المسلمين اهتماماً غير عادي، حتى إنه ما يسلم عليه أحد إلا ويسأله عن أهله وأولاده، وعن بيته وجيرانه، ويحمل معه إليهم السلام، ولذلك بعض له العاجزين كان يفرح جداً إذا أتاه الأخ من الحج وقد لقي الشيخ ابن باز، فيقول له: الشيخ ابن باز يسلم عليك، فهو يسأل، فيقول للناس: من الذي يقوم بالدعوة والسنة عندكم؟! أتبعث إليه السلام؟! فيظن الرجل أن الشيخ شخصياً يسأل عنه ويبعث له بالسلام، لكن هذه عادته مع كل الناس، حتى عندما يجلس الشيخ ابن باز للأكل لا يأكل وحده أبداً، فدائماً بيته مفتوح، سواء إذا كان في الرياض، أو في مكة، أو في غيرهما، فمعروف عن الشيخ أنه لا يمكن أن يطعم وحده أبداً، وإنما موائده دائماً منصوبة للأغنياء والفقراء، والوزراء والأمراء، والمساكين، كل يأتي يجلس، ويجلس الشيخ على الأرض فيأكل معه الناس، ويعود الشخص المسكين أو الفقير من أمثالنا إلى بلده فيقول: أنا كنت آكل عند ابن باز، وقال لي: كذا وقلت له: كذا بحيث يظهر أنه كان مع ابن باز في دعوة شخصية، لكن هذا لأن الشيخ كان يعامل كل شخص على أنه أكرم إنسان عليه من الجالسين.
كان الشيخ يهتم بالمدرسين الذين تم تدريبهم في الجامعة الإسلامية للتدريس في شتى بقاع الأرض، في الهند والباكستان، فكان يهتم بالمتفوقين من متخرجي الجامعة لينتدبهم إلى الدعوة في بلادهم وغير بلادهم، وهؤلاء هم المنبثون في كافة أقطار الأرض، يعلمون الناس دينهم ليل نهار، ويحصنونهم من التيارات الهدامة مثل الطرق الصوفية الضالة أو القاديانية المرتدة أو التكفيرية الضالة.
كذلك كان للشيخ جهد عظيم جداً في إمداد المسلمين في كافة أقطار الأرض بالكتب التي هم بحاجة إليها في مصيرهم بقصد التدريس والمطالعة.
فبفضل جهود الشيخ -بعد فضل الله سبحانه تعالى- صارت الجامعة مركز إشعاع على مستوى العالم الإسلامي كله.
وقد ذكر الشيخ المجذوب كثيراً من الإنجازات فيما يتعلق بأمور الجامعة كأنواع الكليات التي أسسها الشيخ من أجل أن تؤدي رسالتها كما ينبغي، كإنشاء كلية القرآن والدراسات الإسلامية وغيرها من الكليات.