الحقيقة التي تخفى علينا، وتعمى عنها أعيننا حتى لا ندركها واضحة ناصعة، أن الكفار يخافون من الإسلام؛ لأنه يهدد ما هم عليه.
وقف رئيس وزراء بريطانيا في أواخر القرن الماضي في مجلس العموم البريطاني، وأمسك بيمينه القرآن المجيد، وصاح في أعضاء البرلمان قائلاً: إن العقبة الكئود أمام استقرارنا بمستعمراتنا في بلاد المسلمين هي شيئان، ولا بد من القضاء عليهما مهما كلّفنا الأمر، أولهما: هذا الكتاب.
وسكت قليلاً، ثم أشار بيده اليسرى نحو الشرق وقال: وهذه الكعبة.
ثم قال: ما دام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، أو تكون هي نفسها في أمان!! أيضاً هناك مستشرق فرنسي يدعى كيمون مصنف كتاب (بثالوجيا الإسلام) يعني: علم الأمراض، فهو يتكلم عن أمراض الإسلام، وخطر الإسلام على الكفار، يقول: أعتقد أن من الواجب إبادة خُمس المسلمين! والآن البديل للإبادة: أنهم يبيدون أنفسهم بأنفسهم، وينتحرون انتحاراً جماعياً عن طريق تحديد النسل، يقول: أعتقد أن من الواجب إبادة خمس المسلمين، والحكم على الباقين بالأشغال الشاقة، وهدم الكعبة، ووضع جثة محمد -صلى الله عليه وسلم- في متحف اللوفر الفرنسي!! والإبادة موجودة ومعروفة، فالشيوعيون مثلاً أبادوا خلال ربع قرن من الزمان ستة وعشرين مليون مسلم في الصين، أي: بمعدل مليون كل سنة! وكذلك حصل مثل هذا في روسيا، حينما أبادت الثورة الشيوعية أيضاً ملايين المسلمين تحت جنازير الدبابات.
وحتى العالم الغربي لا يستحي من هذا المنطق الذي تكلم به هذا الرجل، ففي حادثة سلمان رشدي لما ألف كتابه (آيات شيطانية) حصلت مظاهرات في داخل بريطانيا، فصاح بعض البريطانيين وقالوا: الذي لا يعجبه نظام هذه البلد فليغادرها، ولا يمكث فيها.
وقالوا: في بعض الجرائد: يبدو أن الجهة الوحيدة التي استطاعت أن تفهم اللغة التي يفهمها المسلمون، هي الاتحاد السوفيتي حينما سحقت الملايين منهم بعد الثورة الشيوعية، فهؤلاء هم الذين عرفوا اللغة التي يفهمها المسلمون!! وحينما اجتمع عدد كبير من المسلمين البريطانيين، ورفعوا قضية سلمان، وطلبوا مصادرة الكتاب، حكم القاضي البريطاني في نهاية القضية وقال: إن المادة التي سيطالب هؤلاء المسلمون البريطانيون بتطبيقها على كتاب (آيات شيطانية)، هي بشأن حماية الأديان، وهي: إنما تعني حماية الديانة الكاثوليكية واليهودية، والإسلام لا يدخل في هذه المادة!! هذه ملامح من هذه المؤامرة ومن الموقف الحقيقي الذي يتخذونه من الإسلام، يقول إسحاق رابين -وهو من المسئولين اليهود-: إننا نجحنا بجهودنا وجهود أصدقائنا في إبعاد الإسلام عن معركتنا مع العرب، ويجب أن يبقى الإسلام بعيداً عن المعركة، ويجب ألا نغفل لحظة واحدة عن تنفيذ خططنا في منع يقظة الروح الإسلامية بأي شكل، وبأي أسلوب، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بأصدقائنا في استعمال العنف في إخماد أي ظاهرة ليقظة الروح الإسلامية، وإذا فشلنا في إقناع أصدقائنا في توجيه ضربة قاضية في الوقت المناسب، فعلى إسرائيل أن تواجه الإسلام حينذاك وهو عدو حرصنا أن يبقى بعيداً عن المعركة، وستجد إسرائيل نفسها في وضع حرج إذا نجح المتعصبون المسلمون في تحويل معركتنا ضد البلدان العربية إلى معركة المجاهدين المتعصبين، وهم الذين يعتقدون أن أحدهم يدخل الجنة إذا قتل يهودياً أو قتله يهودي، وستقوم إسرائيل بالدور الذي قام به المشرفون من عملائهم، فيقومون بدورهم في تغيير عقلية المسلمين وتفكيرهم، فينشئون حركة تجديد الدين تحت اسم العلمانية إلى آخره.
إذاً: نستطيع أن نقول: إن إسرائيل دولة تشجع العلمانية في بلاد المسلمين، وهي دولة دينية، فإن دستورها هو التوراة، واسمها: إسرائيل، ويقصدون بهذا الاسم: نبي الله يعقوب عليه السلام، وهو بريء منهم بدون شك.