للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم]

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد: فقد انتهينا في تفسير سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد:٣٣]، وقال الله عز وجل أيضاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:٥٩].

وقوله: (وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) فيه إشارة إلى أن طاعة أولي الأمر مقيدة بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وليست طاعة مستقلة، وفي ذلك أيضاً إثبات لحجية السنة النبوية كمصدر مهم من مصادر التشريع.

فهذه الآية تصلح عنواناً لمبحث مهم نحتاجه بين الفينة والفينة، وهو إثبات حجية سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وأنزل عليه كتابه الهدى والنور لمن اتبعه، وجعل رسوله الدال على ما أراد من ظاهره وباطنه، وخاصه وعامه، وناسخه ومنسوخه، وما قصد له الكتاب، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعبر عن كتاب الله الدال على معانيه، شاهده في ذلك أصحابه الذين ارتضاهم الله لنبيه، واصطفاهم له، ونقلوا ذلك عنه، فكانوا هم أعلم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما أراد الله من كتابه بمشاهدتهم، وما قصد له الكتاب، فكانوا هم المعبرين عن ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

انتهى كلام الإمام أحمد رحمه الله تعالى.

وقال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما في أثناء حكايته لحجة الوداع: فنظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به.