للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاط الممثلين بالممثلات والخلوة بهن]

من المنكرات الفاحشة العظيمة في التمثيل وجود النساء الممثلات في هذا التمثيل مع الرجال، فإنه يترتب عليه من المفاسد الهدامة والقاضية على الخلق وعلى الدين ما لا يمكن أن يتصور، فلو أحضرنا اليهود من أجل أن يفسدوا الأمة فلن يقدروا على أن يفسدوها بمثل الممثلين، فاليهود لا يقدرون بجيوشهم على أن يحطموا المسلمين كما يحطم أعداء الله ورسوله من الممثلين الذين يسمون الفنانين الأبطال، ولذلك فإن اليهود هم وراء صناعات السينما في العالم كله؛ حرصاً على إفساد أخلاق الناس.

فنجد أنه تحدث منكرات كثيرة الإنسان يستحي من الكلام فيها كما تذكرها الكتب، ومنها اختلاط الممثلات بالممثلين واندماجهن معهم اندماجاً لا يوافق عليه عقل ولا دين، ويكشفن العورات، ويلبسن الثياب الرقاق مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات) قال الشيخ إسماعيل حقي في تفسير قوله: (مميلات) أي: قلوب الرجال إلى الفساد بهن.

أو مميلات أكتافهن كما تفعل الراقصات.

أو مميلات مقانعهن عن رءوسهن لتظهر وجوههن.

قال صلى الله عليه وسلم: (رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

وبعض الفقهاء فسر قوله (مائلات مميلات) فقال: مائلات في أنفسهن، مميلات غيرهن من النساء بدعوتهن إلى مثل هذا الفساد، فيدخل فيه رائدات تحرير المرأة والتبرج والسفور، فهن مائلات في أنفسهن ويضللن غيرهن، ويدعين غيرهن من النساء إلى الوقوع في مثل فسادهن ويحرضنهن عليه.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) فهذا دليل على بعدهن الشديد عن الجنة، فإذا كان هذا عقابهن على ذلك اللباس -وهو شر عقاب بل منتهى العقاب في الشدة لاقتضائه الخلود في النار- فكيف إذا انضم إليه أنواع الفجور الذي تقع فيه الممثلات في تمثيلهن؟! إذا كان هذا للنساء الكاسيات العاريات فكيف بما هو أشد من ذلك كالرقص ونحوه من الأشياء المعروفة؟! وكثرة الرقص والممثلات أثرت في نفوس الناس، وأصبحت مشاهدتها هي الأصل عند بعضهم، حكي عن رجل كان ابنه في مدرسة، فحضر اجتماع لمجلس الآباء والمعلمين، فحضرت إحدى الأمهات ساخطة رافعة صوتها قائلة: أنتم أفسدتم ابني! فالمدير والمدرسون أخذوا في تهدئتها ثم قالوا لها: ماذا حصل؟ فقالت لهم: إن الولد كلما يجد منظر رقص في التلفزيون أو يرى امرأة يرمي ببصره نحو الأرض، فمن الذي علمه هذا التصرف؟ لابد أنكم الذين علمتموه هذا التصرف! فكان رد المدير والأساتذة أن تبرءوا من ذلك، وأنه لا يمكن أن يكون عندهم أحد بهذه الصورة، وأنهم ملتزمون بمنهاج الوزارة! إلى هذا الحال وصل المسلمون! هذه المرأة قلقة لأن يغض بصره حتى لا ينظر إلى الراقصات ونحو هذه الأشياء، فإننا لله وإنا إليه راجعون! كما أن الممثلة تنفرد بالممثل وتكون معه في خلوة، وقد حكي لي أن بعض الممثلين كانوا في لحظة القيام بدور معين من الأدوار القذرة، فمن شدة الغيرة قام زوج الممثلة فأمر كل العمال الموجودين في الأستوديو أن يخرجوا إلى الصالة من أجل ألا ينظر أحد إلى زوجته وهي في منظر مخل مع الممثل الآخر! أليست هذه الصورة ستعرض على ملايين الناس؟! فانظر إلى التناقض والمسخ وذهاب العقل والحماقة والجنون! نسأل الله العافية.

والناس تقول لك: لا، هذا تمثيل! وفي التمثيل مصافحة ولمس وغير ذلك مما هو معلوم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) حتى مجرد المصافحة وفعل أدنى شيء، لكن مع ذلك يقع في هذا الوعيد.

تقول السيدة عائشة: (لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط حتى في المبايعة، إنما كان يبايعهن قولاً) أي: بايعهن بالكلام.

ويفعل الممثلون كل القبائح والموبقات أمام الجماهير الناظرة من رجال ونساء، وذلك منتهى الهمجية، ولو أن هذا الشخص القبيح الدنيء كانت الممثلة التي يمثل معها زوجته لمقتها الله عز وجل على هذا الفعل، ولمقتهما الناظرين إليهما على ذلك، فما بالك وهي أجنبية عنه؟! فلا يقر هذا الوضع إلا الهمج الرعاع الأوباش المنسلخون من الدين ومن العقل، الذين هم في درجة الأنعام بل هم أضل؛ فالكلاب تغار على الأنثى، وكذلك سائر الحيوانات المعروفة، ومع ذلك تجد هؤلاء يستحلون هذه المفاسد ويتعارفون عليها ويستمرئونها.

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها)، وفي بعض روايات هذا الحديث التعبير عن هذا الفعل بأنه من أعظم الإهانة عند الله، قالت أسماء بنت يزيد: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود، فقال: لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها! فأرم القول -أي: سكتوا- ولم يجيبوا، فقلت: إي والله -يا رسول الله- إنهن ليفعلن وإنهم ليفعلون! قال: فلا تفعلوا؛ فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون).

وقال عز وجل: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء:٣٤].

فذلك هو حال هؤلاء القوم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أشراط الساعة التي لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأخبر أن الساعة لا تقوم حتى يجامع الرجل المرأة في الطريق، وحتى يقول له أعقل امرئ في ذلك المجتمع: لو تنحيت عن الطريق! يتنحى فقط عن الطريق والعياذ بالله! وكل شخص يجلس أمام هذه المناظر فهو يقع في أعظم الوزر وأعظم الإثم، فويل له من الله سبحانه وتعالى إن لم يتب من هذه المفاسد! تجد الأب مع بناته ومع نسائه يرون مناظر في منتهى الفساد والانحلال، والسائر في الشارع يسمع بعض عامة الناس -غير المتطرفين ولا الملتحين- في شكوى وأنين من الفساد، وتسمع أحدهم في الشارع يقول لآخر: لا يوجد حل مع التلفزيون غير أن الواحد يكسره.

وهؤلاء أناس بسطاء بلغ عندهم سخط الفساد إلى هذا الحد، فكيف تكون غيرة أهل الدين والمروءة على حرمات الله عز وجل؟!