من السنة أن يغتسل لدخول مكة قبل الدخول، ويدخلها نهاراً أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويدخل من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعلا، فإنه صلى الله عليه وسلم دخلها من الثنية العليا، ثنية كداء المشرفة على المقبرة عند الحجون، ودخل المسجد من باب بني شيبة، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود، فيتحرى أن يدخل من باب يوصله مباشرة إلى الحجر الأسود، وله أن يدخل مكة من أي طريق شاء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(كل فجاج مكة طريق ومنحر) وفي حديث آخر: (مكة كلها طريق، يدخل من هاهنا، ويخرج من هاهنا).
فإذا دخل المسجد فيراعي آداب دخول المسجد الحرام، فيقدم رجله اليمنى ويقول:(اللهم صل على محمد وسلم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم)، فإذا رأى الكعبة يجوز أن يرفع يديه؛ لأن ذلك ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما، ويستحضر عند رؤية الكعبة ما أمكنه من الخشوع والتذلل والخضوع والمهابة والإجلال، ويدعو بما تيسر له أو يدعو بدعاء عمر رضي الله عنه حينما رأى الكعبة قال:(اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام).
قوله:(اللهم أنت السلام) أي: أنت الذي اسمك السلام، وهو من أسماء الله الحسنى.
(ومنك السلام) أي: منك تأتي السلامة من الآفات والبلايا.
(فحينا ربنا بالسلام) أي: اجعل تحيتنا في وفودنا عليك السلامة من الآفات.
فإذا أتى الحجر الأسود أمسك عن التلبية، بعض العلماء كما ذكرنا يقول: إذا أتى بيوت مكة قطع التلبية؛ لأنه حينئذ ينشغل بأمور أخرى حيث يعتني بمتاعه وإيداعه في مكان أمين إلى غير ذلك.
بعد ذلك يبدأ في طواف القدوم، وإذا كان معتمراً فإنه ينوي طواف العمرة، والقارن أيضاً ينوي طواف العمرة.