[حكم الاكتفاء بالأحجار في الاستنجاء أو الماء]
يقول الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: وهو مخير بين الاستنجاء بالماء أو الأحجار في قول أكثر أهل العلم.
أي: يجوز للإنسان أن يستنجي بالأحجار حتى مع وجود الماء، وهذا من الرخص ومن التيسير على عباد الله.
وحكى ابن المنذر عن سعد بن أبي وقاص وحذيفة وابن الزبير رضي الله عنهم أجمعين أنهم أنكروا الاستنجاء بالماء.
وذلك لأن الأصل في مجتمع الصحابة هو الاستنجاء بالأحجار.
وهذا يدل على شيوع الاستجمار بالأحجار في عهد السلف، فكان هؤلاء الصحابة لا يرون الاستنجاء بالماء.
وقال سعيد بن المسيب: وهل يفعل ذلك إلا النساء؟! وقال عطاء: غسل الدبر محدث.
وكان الحسن لا يستنجي بالماء.
وروي عن حذيفة القولين جميعاً.
وكان ابن عمر لا يستنجي بالماء ثم فعله، وقال لـ نافع: جربناه فوجدناه صالحاً.
وشرط أن يكون ما يستنجى به غير مطعومٍ هو في الأشياء الجامدة وليس في الماء؛ لأن الماء لا يدخل أصلاً في هذا الخلاف؛ لتواتر الأدلة الصحيحة على أن الشرع أجاز الاستنجاء بالماء، بل ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الإمام الخطابي رحمه الله: زعم بعض المتأخرين أن الماء مطعوم؛ فلهذا كره الاستنجاء به سعد وموافقوه، وهذا قول باطل منابذ للأحاديث الصحيحة، والله أعلم.
وحكى القاضي أبو الطيب من الشافعية وغيره عن الزيدية والقاسمية -وهما من فرق الشيعة- أنه لا يجوز الاستنجاء بالأحجار مع وجود الماء.
إذاً: الزيدية والقاسمية من الشيعة قالوا: إذا كان الماء موجوداً فلا يجزئ إلا استعمال الماء، ولا يجوز العدول عن الماء إلى الاستنجاء بالأحجار مع وجوده؛ فاحذروا أن تكونوا مثل الشيعة دون أن تشعروا، فبعض الناس يستغرب هذا الحكم، ويقول: كيف يجوز أن أستعمل الأحجار مع وجود الماء؟! نعم يجوز.