إن من خصائص الإسلام أنه دين قد بني على اليسر وعلى السماحة، وهذه -أيضاً- مقدمة مهمة جداً قبل الخوض في مناقشة أطراف الغلو كما ذكرنا.
فيسر الإسلام وتيسيره من سماته التي تميز بها عما سواه من الأديان، فإن الله سبحانه وتعالى جعل من إحدى الحكم التي بعث من أجلها عبده ورسوله محمداً صلى الله عليه وسلم أن يضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.
كذلك جاءت الشريعة برفع الحرج والتضييق على الناس أو التعنت في تكليفهم، فليس الحرج معروفاً في الشريعة، بل نزه الله سبحانه وتعالى هذا الدين عنه بقوله عز وجل:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:٧٨] يعني: في الدين الذي أنزله الله.
ولا يصح لبعض الناس أن يتهاونوا في أحكام الشريعة وأن يفرطوا بحجة أن لا حرج في الدين؛ لأنه الدين الذي لا حرج فيه هو الذي أنزله الله ليس الدين الذي تخترعه أنت لنفسك.
وبعضهم إذا أنكرت عليهم شيئاًَ خطئاً يقولون لك: الدين يسر.
فأي دين هذا هو اليسر؟! أهو الدين الذي أنزله الله والذي شرعه الله، أم الدين الذي اخترعتموه لأنفسكم من ترك للصلوات الخمس وغير ذلك؟! إن اليسر هو في الدين الذي أنزله الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم من خلق، ويعلم طاقة الناس، فهو سبحانه لم يكلفنا بالصلاة إلا ونحن نستطيع أداء الصلاة، يقول عز وجل:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] فهذا هو معنى أن الدين يسر، وأن الله لا يكلفنا إلا بما نطيق، وهناك بعض الحالات الاستثنائية، كأن يكون الإنسان مريضاً أو مسافراً، فشرع سبحانه من الرخص ما يخفف عن الإنسان هذه المشقة الطارئة، لكن ليس هذا هو الأصل.