يقول الشيخ القحطاني: إن الرجل الذي يموت على الخير يبدو وكأنه نائم، أما من مات على خلاف ذلك فيظهر عليه الفزع وخوف الموت مع تغير في وجهه، وبعضهم يخرج منه مثل الزفت الأسود، وبعضهم مثل ماء الحناء، وبعضهم يخرج من فمه روائح كريهة مع أن الجثة لا تزال طرية! يقول: وغسلت رجلاً وكان لونه مصفراً، وفي أثناء التغسيل أخذ لونه يتغير إلى السواد من رأسه إلى وسطه، فلما انتهيت من التغسيل إذا به قد أصبح كالفحمة السوداء! وميت آخر كان وجهه أثناء التغسيل متوجهاً نحو كتفه الأيسر، فكلما أرجعته نحو الكتف الأيمن عاد إلى الجهة اليسرى، حتى لما وضعته في قبره ووجهته نحو القبلة، انصرف وجهه عنها إلى أعلى.
وحدثني مغسل آخر أنه غسل رجلاً وكان لونه مصفراً، فلما فرغ من التغسيل اسود وجه ذلك الرجل، فقلت له: أسود مثل لحيتي؟! قال: أسود كالفحم! قال: ثم صار يخرج من عينه دم أحمر، وكأنه يبكي الدم والعياذ بالله! قال: وهذا كان معي -وأشار إلى صاحبه- فقلت له: أرأيت ذلك؟ قال: نعم.
قلت: هل تغير لون جسمه؟ قال: لا، وجهه فقط.
وحدثني مغسل آخر فقال: دخلت ذات مرة على بعض الإخوان وهم يغسلون ميتاً، فرأيت وجهه مسوداً كأنه قرص محترق، وجسمه أصفر، ومنظره مخيف، ثم جاء بعض أهله لينظروا إليه، فلما رأوه على تلك الصورة فروا هاربين خوفاً منه! أما ما ظهر عند الإنزال في القبر فحدثني أحد المغسلين فقال: غسلت عدداً كبيراً من الموتى لسنين طويلة، وأذكر أني وجهت أكثر من مائة ميت نحو القبلة، ولكنهم كلهم صرفت وجوههم عن القبلة.
وحدثني مغسل آخر قال: عندما وضعت أحد الموتى في قبره ووجهته نحو القبلة، رأيت وجهه قد تحول إلى أسفل وأدخل أنفه في التراب، ثم وجهته إلى القبلة ووضعت تحت رأسه تراباً ولكنه عاد وأدخل أنفه في التراب، ثم وضعت رملاً أكثر في هذه المرة؛ حتى لا يعود ولكنه عاد وأدخل أنفه في التراب، ولم أزل معه حتى تكرر الأمر خمس مرات، فلما يئست منه تركته وأغلقت القبر.
وقال الشيخ القحطاني: خرجت ذات يوم من المقبرة بعد صلاة العصر وكنا قد قبرنا رجلاً، وكان الطين عالقاً في يدي فأردت أن أغسلها، إذ جاءت جنازة وكانوا في حدود الخمسين رجلاً فقال أحدهم: بالله عليك ساعدنا في قبر هذا الرجل، فوالله لا نحسن الدفن، فسللت الرجل من جهة الرجلين وكان ثقيلاً فأعانني عليه بعضهم فوضعته في القبر، وتركت لبنة أضعها تحت رأسه، وحللت الأربطة فنظرت فإذا برأس هذا الميت قد تحول عياذاً بالله من القبلة هكذا، -فحول الشيخ رأسه- فقمت برد هذا الميت إلى القبلة، وأخرجت اللبنة الثانية ولكني في هذه المرة وجدت عينيه قد فتحتا، وأنفه وفمه يصبان الدم الأحمر القاني، فداخلني الخوف والوجل حتى لم تستطع رجلاي أن تحملاني داخل القبر، وقد رأى معي اثنان أو ثلاثة هذا المشهد الغريب الخطير، ثم أعطوني اللبنة الثالثة، فوجدت أنه تحول في المرة الثالثة فتركته وهربت من القبر نهائياً، فقام الذين كانوا معي وتولوا عملية الدفن فردموه بالتراب ولم يغلقوا اللحد من شدة الخوف، ثم صرت أرى هذا الميت في المنام سبعاً أو ثمان مرات حتى سكن الله قلبي إلخ.
قال: وميت آخر أنزلته في قبره، فكانت تخرج رائحة الدخان والتعميرة -الشيشة- وكأن شخصاً قد أشعل دخاناً أو تعميرة في القبر، وكل من كان معي كان يشم هذه الرائحة تخرج من ذلك الكفن، وقد تحول عن القبلة بجسمه كله!