للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإحرام من الميقات المكاني]

إذا وصل الميقات المكاني وجب عليه أن يحرم، ولا يكون ذلك بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته؛ لأن نية الحج موجودة وهو خارج من بيته، فالمقصود أن توجد نية الإحرام بجانب التلبس بالأمور المختصة بالإحرام وبالذات التلبية، فالقصد مازال في القلب منذ خرج من بلده، فلابد مع القصد من قول أو عمل يصير به محرماً، فإذا لبى قاصداً للإحرام انعقد إحرامه اتفاقاً، وذلك أنه بمجرد أن يصل الميقات يقول: لبيك اللهم لبيك! ويستمر في التلبية ناوياً الإحرام.

ولا يقول بلسانه شيئاً بين يدي التلبية من البدع والعبادات المخترعة التي يقولها الناس في ذلك الموطن، مثل قولهم: اللهم إني أريد الحج أو العمرة فيسره لي وتقبله مني إلى آخره؛ لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقول: إني نويت الحج والعمرة، وبعض العلماء يستحبها حتى لا ينسى، ولكن الأقرب أن هذا التلفظ بالنية لم يثبت من فعله صلى الله عليه وسلم قبل الصلاة والطهارة والصيام وغيرها.

أما المواقيت المكانية فهي خمسة مواقيت: ذو الحليفة، والجحفة، وقرن المنازل، ويلملم، وذات عرق، (هن لأهلهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج أو العمرة، ومن كان منزله دونه فمهله من منزله، حتى أهل مكة يهلون من مكة).

هذه المواقيت حددها النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز لمن قصد مكة للنسك أن يتجاوزها بدون إحرام.

أما ذو الحليفة فهو مكان معروف يبعد عن المدينة المنورة حوالى أحد عشر كيلو متراً، ويبعد عن مكة أربعمائة وخمسين كيلو متر، وهو أبعد ميقات.

الجحفة كانت تسمى من قبل المهيعة، وهي تبعد عن مكة حوالى مائتي كيلو متر، والجحفة الآن قد انقرضت، وأصبح الناس يحرمون من مكان قبلها بقليل يسمى (رابغ)، وهو ميقات أهل المغرب والقادمين من مصر.

وقرن المنازل يبعد عن مكة حوالى أربعة وتسعين كيلو متراً، ويلملم يبعد أربعة وخمسين كيلو متراً، وذات عرق تبعد حوالى أربعة وتسعين كيلو متراً.

فهذه المواقيت لأهلهن، أي: لمن يدخل هذه الأماكن، ولمن مر عليهن من غير أهلهن، أي: بغض النظر عن جنسيته، مثلما لو أن مصرياً يعيش في اليمن فذهب للعمرة من اليمن فإنه يحرم من يلملم.

والذي يكون في مكان أقرب لمكة من الميقات فميقاته من مكانه، وهو معنى قوله: (وأهل مكة يهلون من مكة).

أما ذو الحليفة فهو مكان قريب من المدينة المنورة بينه وبينها أحد عشر كيلو متراً، ويسمى وادي العقيق، والمسجد هناك يسمى مسجد الشجرة، وفيها بئر، ويسميها جهال العامة: أبيار علي يزعمون أن علي بن أبي طالب قاتل الجن في هذا المكان، وهذا من خرافاتهم وأكاذيبهم.