وهناك علة أخرى، وهي أنها مانعة من دخول الملائكة، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول:(إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير)، وهذا عام، فهذه العلة تدل على أن كافة التماثيل تدخل في هذا الحكم، وإن كانت متخذة للعبادة فإن ذلك يكون من باب أولى مع وجود العلل الأخرى.
إذاً هي محرمة على كل حال.
وأيضاً: إذا تأملنا سنة النبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن هذا التحريم عام وشامل لجميع أشكال التماثيل، أما ما اتخذ من أجل العبادة من دون الله فلا شك أنه قد تواترت الأحاديث في هدمه ومحوه وإزالته.
أما ما لا يتخذ للعبادة فقد روى الترمذي -وصححه وأبو داود - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيت البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال -وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب- فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصر كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتان منتبذتان توطآن، ومر بالكلب فيخرج.
ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أو كما جاء في الحديث.
فهل كان التمثال الذي في البيت يتخذ للعبادة؟! معاذ الله! ومع ذلك أمره جبريل بأن يزيله.
وكذلك أنكر النبي عليه الصلاة والسلام على عائشة القرام الذي فيه التصاوير، فهل كان يتخذ للعبادة؟ لا.
ومن المعروف أن الإسلام عدو الأوثان وعدو الأصنام، يقول الله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[المائدة:٩٠] فأدخل الأنصاب، وقال:(رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه).
ومن تأمل يجد كل الأدلة من القرآن أو من السنة بأنواعها القولية أو الفعلية أو التقريرية تنهى عن ذلك، ثم يأتي أيضاً الدليل الآخر وهو واقع المسلمين والتاريخ الذي يحاول أن يزوره هؤلاء المخادعون المدلسون.
ومن الغريب أنهم عندما يتكلمون لا يتطرقون إلى أي شيء من هذه الأدلة، فلا يوجد أحد منهم أتى بأحاديث أو آيات إلا لماماً، يأتي بها في سياق التأويل من أجل إخضاعها لأهوائهم وأغراضهم.