وقد بلغ من احتفاء السلف بوظيفة التأديب أن الأدب كان وظيفة من الوظائف التي يُرصد لها إنسانٌ خبيرٌ بها، فكما يتعلم الإنسان العلم وكما يحفظ القرآن كذلك كان يُجعل له مؤدب يؤدبه، حتى إن الإمام ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى كان يلقب (مؤدب أولاد الخلفاء) فكان هناك وظيفة شخص اسمه (المؤدب) يتولى تهذيب الطفل من صغره ومنذ نعومة أظفاره، ويربيه على مكارم الأخلاق وعلى تعظيم الدين، وغير ذلك من هذه الآداب الشرعية.
ومما يعكس خطورة موضوع الأدب والتربية أهميته بالنسبة للأولاد؛ لأن الأدب أعظم ما ينفع إذا بدأ منذ صغرهم ومنذ نعومة أظفارهم، وقد جاء أن بعض الخلفاء كان قد سجن بعض خصومه، فلما أفرج عنهم وأطلقهم من السجن قال: ما أشد ما مر عليكم في هذا الحبس؟ قالوا: ما فاتنا من تأديب أولادنا.
ولم يقولوا: ما فاتنا من حرياتنا أو من كذا أو كذا.
وإنما قالوا: ما فاتنا من تأديب أولادنا.
والكلام في باب الأدب كلام يطول جداً، لكننا سنجتزئ -كما أشرنا من قبل- أهم المهم من عيون هذا الموضوع.