هل إرسال الرسول ليحضر شخصاً يعد إذناً لذلك الشخص بالدخول؟
وهنا مسألة يتعرض لها العلماء وهي: هل إرسال الرسول ليحضر شخصاً يعد إذناً لذلك الشخص بالدخول؟ يقول الشنقيطي رحمه الله تعالى: اعلم أن صاحب المنزل إذا أرسل رسولاً إلى شخص ليحضر عنده، فإن أهل العلم قد اختلفوا هل يكون الإرسال إليه إذناً؟ لأنه طلب حضوره بإرساله إليه، وعلى هذا القول إذا جاء منزل من أرسل إليه فله الدخول بلا إذن جديد؛ اكتفاء بالإرسال إليه.
أو على القول الآخر: فلا بد من أن يستأذن إذا أتى المنزل استئذاناًً جديداً.
فهذه مسألة مختلف فيها، وقد جاءت بعض الأحاديث تؤيد المذهب الأول، مثل قول الرسول عليه الصلاة والسلام:(رسول الرجل إلى الرجل إذنه)، وقوله:(إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع رسول فإن ذلك له إذن).
أما الفريق الآخر القائلون: إنه يستأذن إذا قدم إلى منزل المرسِل، ولا يكتفى بإرسال الرسول، فاستدلوا بما رواه البخاري عن أبي هريرة قال:(دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد لبناً في قدح، فقال: أبا هر! الحق أهل الصفة فادعهم إليّ، قال: فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم، فدخلوا)، الشاهد قوله:(فاستأذنوا)، مع أنه قد أرسل إليهم أبا هريرة، ولم يكتفوا بالإرسال عن الاستئذان، ولو كان كافياً لبينه النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة.
واستدلوا أيضاً بقوله تعالى:{لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}[النور:٢٧] فالعموم هنا يشمل الجميع، سواء من أُرسل إليه أو من لم يرسل إليه.
وجمع بعض العلماء بين القولين فقال: إذا طال العهد بين الطلب والمجيء احتاج إلى استئناف الإذن، وإلا فلا.
يعني: إذا طال الوقت بين إرسال الرسول ومجيء هذا المرسل إليه فإنه يحتاج إلى إذن جديد، وكذلك أيضاً إذا لم يطل العهد، ولكن كان المستدعي في مكان يحتاج معه إلى الإذن في العادة.
وعلى أي الأحوال: إذا وجد مقتضى الاستئذان فلا بد من الاستئذان في مثل هذه الحالة.