ما قولكم في رأي الشرع فيمن أودع أمواله في البنوك ولم يعقد مع صاحب البنك القرض الذي يجري فيه الربا -أي: الذي ورد فيه الخبر: (كل قرض جرّ منفعة فهو ربا)، والحكم يدور مع العلة، فإذا كان تحريم مثل هذا القرض بسبب وجود علة الربا -وهي الفائدة- فإنه سيودع أمواله في البنك بدون أن يتفق معهم على أخذ فائدة، والهدف من وضع الأموال في البنك هو حفظها من التعرض للضياع، وليس المقصود منه الاتجار والربح، ثم إن هيئة البنك تستثمر تلك الأموال في عمليات تحقق لها ربحاً، وقد لا تستثمرها، فهل يجوز للمسلم أن يتقاضى جزءاً معيناً حددته هيئة البنك عند سحب الأموال وعدمه مقابل ما أودع؟
الجواب
ننبه أولاً على أن صيغة السؤال في المسائل الشرعية ينبغي أن تكون بلفظ ما (حكم الشرع) وليس من أدب السؤال قول (ما رأي الشرع) إذ الحكم يجب امتثاله، أما قول (ما رأي الشرع) فيدل على أن ذلك وجهة نظر يمكن الأخذ بها ويمكن أن تترك.
أما جواب السؤال فإنه لا يجوز للمسلم أن يودع أمواله في البنوك التي تتعامل بالربا، إلا إذا كان يخشى عليها من الضياع، ولا يجوز له أن يدفعها للبنك بناءً على أنه يأخذ فائدة من البنك، وإذا كان الشخص يخشى على نقوده من السرقة ونحو ذلك فله أن يودعها في البنك بدون فائدة؛ لأنه مضطر إلى ذلك، أما أخذ الفائدة من البنك فهو تعامل بالربا، وهو محرم بالكتاب والسنة والإجماع.
أما القول بإن ترك الفائدة للبنوك الكافرة عون لها على المسلمين، وعدم أخذ هذه الأموال مثل إعطائهم مالاً يعينهم على حرب المسلمين فليس الأمر كذلك، وإنما تركها تعفف من المسلم عما حرم الله عليه، كما يترك لهم قيمة ما حرم الله من الخمر والخنزير، وكما يجوز له الصدقة على فقرائهم إذا كانوا غير حربيين.
وقد أجاب على هذا السؤال فضيلة الشيخ عبد الله بن قعود، والشيخ عبد الله بن غديان، والشيخ عبد الرزاق عفيفي، والشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.